للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المسألة لغويةٌ، فإنَّ الواردَ في القرآنِ الغسل في أعضاءِ الوضوءِ، فيتوقفُ إثباتُ الدَّل فيهِ عَلى أنهُ منْ مسمَّاه، وأمَّا الغسلُ فوردَ بلفظِ: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} (١).

وهذَا اللفظُ فيهِ زيادةٌ على مسمَّى الغسلِ، وأقلُّها الدَّلكُ، وما عدلَ - عز وجلَّ - في العبارةِ إِلَّا لإفادةِ التفرقةِ بينَ الأمرين، [فأما] (٢) الغسلُ فالظاهرُ أنهُ ليسَ من مسمَّاهُ الدَّلكُ، إذْ يقالُ: غسلَهُ العروقُ، وغسلَهُ المطرُ، فلا بدَّ من دليلٍ خارجيٍّ على شرطيةِ الدَّلكِ في غسلِ أعضاءِ الوضوءِ، بخلافِ كسرِ الجنابةِ والحيضِ، فقدْ وردَ فيهِ بلفظِ التطهيرِ كما سمعتَ، وفي الحيض: {فَإذَا تَطَهَّرْنَ} (٣)، إلَّا أنهُ سيأتي في حديثِ عائشةَ وميمونةَ ما يدلُّ على أنهُ - صلى الله عليه وسلم - اكتفَى في إزالةِ الجنابةِ بمجردِ الغسلِ، وإفاضةِ الماءِ عن دونِ دلك، فاللَّهُ أعلمُ [بالنكتة] (٤) التي لأجلِها عبَّر في التنزيلِ عنْ غسلِ أعضاءِ الوضوءِ بالغسلِ، وعنْ إزالةِ الجنابةِ [بالتطهيرِ] (٥) معَ الاتحادِ في الكيفية.

وأما المسحُ فإنهُ الإمرارُ على الشيءِ باليدِ يصيبُ ما أصابَ، ويخطئُ ما أخطأ، فلا يقالُ: لا يبقَى فرقٌ بينَ الغسلِ والمسحِ إذا لمْ يشرط الدلكَ.

وحديث الكتاب ذكرهُ مسلمٌ كما نسبهُ المصنفُ إليهِ في قصةِ عتبانَ بن مالك. ورواهُ أبو داودَ (٦)، وابنُ خزيمةَ (٧)، وابنُ حبانَ (٨)، بلفظِ الكتابِ، وَرَوَى البخاريُّ القصةَ ولمْ يذكر الحديثَ، ولذَا قالَ المصنفُ: (أصلهُ في البخاريِّ) وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - قالَ لعتبانٌ بن مالكٍ: "إِذَا أُعْجِلْتَ، أو أُقْحِطْتَ، فَعَلَيْكَ الوُضوءُ".

والحديثُ لهُ طرقٌ عنْ جماعةٍ منَ الصحابةِ عنْ أبي أيوبَ (٩)، وعنْ رافعٍ بن


(١) سورة المائدة: الآية ٦.
(٢) في (أ): "وأما".
(٣) سورة البقرة: الآية ٢٢٢.
(٤) في (أ): "ما النكتة".
(٥) في (أ): "بالتطهر".
(٦) في "السنن": (١/ ١٤٨ رقم ٢١٧).
(٧) في "صحيحه" (١/ ١١٧ رقم ٢٣٣، ٢٣٤).
(٨) في "صحيحه" (٢/ ٢٤٢ رقم ١١٦٥).
قلت: وأخرجه البيهقي (١/ ١٦٧)، وأبو عوانة (١/ ٢٨٦)، وابن شاهين في "ناسخ الحديث ومنسوخه" (ص ٤١ رقم ٦)، وأحمد (٣/ ٢٩، ٣٦).
(٩) أخرجه أحمد (٥/ ٤١٦، ٤٢١)، والنسائي (١/ ١١٥ رقم ١٩٩)، والدارمي (١/ ١٩٤)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٥٤)، وهو حديث صحيح.