للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفعلية تقوم ببيانها، فتقيِّد مطلقها، وتخصِّص عامها، وتفسِّر مجملَها، ولذا كان أثرها عظيمًا في إظهار المراد من الكتاب العزيز، وفي إزالة ما قد يقع في فهمه من خلافٍ أو شبهةٍ.

وقد تظاهرت الآيات في وجوب العمل بالسنة المطهرة، والإذعان لها، وتحكيمها في شؤون حياتنا كلها.

قال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (١).

وقال تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (٢).

كما حثَّ الله سبحانه على الاستجابة لما يدعو إليه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (٣).

ولم يبح للمؤمنين مطلقًا أن يخالفوا حكمَهُ - صلى الله عليه وسلم - أو أمرًا من أوامره، فقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (٣٦)} (٤).

وعدَّ من علامات النفاق الإعراض عن تحكيم الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مواطن الخلاف، فقال تعالى: {وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٥٠)} (٥).

وأقسم الله تعالى على نفي إيمان من لم يُحَكِّم الرسول - صلى الله عليه وسلم - فقال: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} (٦).

وقد أنعم الله على هذه الأمة بأن قيَّض لها في القرون الثلاثة الأولى المشهود لها بالفضل نخبة ممتازةً، وصفوة مختارة، نذرت أنفسها لخدمَة السنة المطهرَّة، فالتقطوها من أفواه سامعيها، وجمعوها من صدور حامليها، وقطعوا الفيافي والقِفار إلى حَفَظَتِهَا في كل قطر ومِصر.


(١) سورة الحشر: الآية ٧.
(٢) سورة النساء: الآية ٨٠.
(٣) سورة الأنفال: الآية ٣٤.
(٤) سورة الأحزاب: الآية ٣٦.
(٥) سورة النور: الآيتان ٤٨.
(٦) سورة النساء: الآية ٦٥.