للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إنما كانَ يكفيهِ أنْ يتيممَ ويعصبَ على جرحهِ خرقةً، ثم يمسحُ عليها، ويغسل سائرَ جسدهِ. رواهُ أبو داودَ بسندِ فيه ضعفٌ)، لأنهُ تفردَ بهِ الزبيرُ بنُ خُريقٍ (١) بضمِّ الخاءِ المعجمةِ، فراء مفتوحةٍ، ومثناةٍ تحتيةٍ ساكنةٍ وقافٍ. قالَ الدارقطنيُّ (٢): ليسَ بالقويِّ.

قلت: وقالَ الذهبيُّ (٣): إنهُ صدوقٌ (وفيهِ اختلافٌ على رواتهِ) وهوَ عطاءٌ، فإنهُ رواهُ [عنه] (٤) الزبيرُ بن خُريقٍ عنْ جابرٍ، ورواهُ عنهُ الأَوزاعيُّ بلاغًا عنْ عطاء، عن ابن عباسٍ فالاختلافُ وقعَ في روايةٍ عطاءٍ: هلْ عنْ جابرٍ، أو عن ابن عباسٍ. وفي إحدَى الروايتينِ ما ليسَ في الأخرَى.

وهذَا الحديثُ، وحديثُ عليٍّ الأولُ قد تعاضدَا على وجوبِ المسحِ على الجبائرِ بالماءِ. وفيهِ خلافٌ بينَ العلماءِ، منهمْ مَنْ قالَ: يمسحُ؛ لهذينِ الحديثينِ - وإن كانَ فيهما ضعفٌ - فقدْ تعاضدا؛ ولأنهُ عضوٌ تعذَّرَ غسله بالماءِ فمسحَ ما فوقَه كشعرِ الرأسِ، وقياسًا على [مسحِ أعْلَى] (٥) الخفينِ وعلى العمامةِ. وهذا القياسُ يقوي النصَّ.

قلت: مَنْ قالَ بالمسحِ عليهمَا قَوِيَ عندهُ المسحُ على الجبائرِ، وهوَ الظاهرُ. ثم في حديثِ جابرٍ دليلٌ على أنهُ يُجمَعُ بينَ التيممِ والمسح والغسلِ، وهوَ مشكلٌ؛ حيثُ جمعَ بينَ التيممِ والغسلِ، قيلَ: فيحملُ على أَنَّ أعضاءَ التيممِ كانتْ جريحةً فتعذَّرَ إمساسُها بالماءِ، فَعُدِلَ إلى التيممِ، ثم أفاضَ الماءَ على بقيةِ جسدِهِ، وأما الشجَّةُ فقدْ كانتْ في الرأسِ، والواجبُ فيهِ الغسلُ لكنْ تعذرَ لأجلِ الشجَّةِ، فكانَ الواجبُ عليهِ عصبَها والمسحَ عليْهَا، إلَّا أنهُ قالَ المصنفُ في "التلخيصِ" (٦): إنهُ لم يقعْ في روايةٍ عطاء عن ابن عباسٍ ذكرُ التيمم، فثبتَ أن


(١) لين الحديث.
انظر ترجمته في: "التقريب" (١/ ٢٥٨ رقم ١٨)، و"تهذيب التهذيب" (٣/ ٢٧١ رقم ٥٨٣).
(٢) في "السنن" (١/ ١٩٠).
(٣) في "الميزان" (٢/ ٦٧ رقم ٢٨٣٤) وثقهُ ابنُ حبان. وقال الذهبي في "الكاشف" (١/ ٢٤٨ رقم ١٦٣٢): وثق.
(٤) في (أ): "عنهما".
(٥) في (ب): "المسح على".
(٦) (١/ ١٤٧).