للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - أن فاطِمَةَ بِنْتَ أبي حُبَيْشٍ) تقدَّمَ ضبطُه في أولِ بابِ النواقضِ، (كانتْ تُسْتَحَاضُ) تقدمَ أنَّ الاستحاضةَ جريانُ الدمِ منْ فرجِ المرأةِ في غيرِ أوانهِ، وتقدمَ فيهِ: أنَّ فاطمةَ جاءتِ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقالتْ: إني امرأةٌ أسْتَحَاضُ فلا أطهرُ، أفأدعُ الصلاةَ؟ (فقالَ لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ دمَ الحيضِ دمٌ أسودُ يُعْرَفُ) بضمِّ حرفِ المضارَعةِ، وكسرِ الراءِ، أي: له عَرفٌ ورائحةٌ. وقيلَ: بفتحِ الراءِ أي: تعرفُه النساءُ. (فإذا كانَ ذلكِ) بكسرِ الكافِ (فأمسكي عن الصلاةِ، فإذا كانَ الآخرُ) أي: الذي ليسَ بتلكَ الصفةِ (فتوضئي وصلِّي. رواهُ أبو داودَ والنسائيُّ، وصحَّحه ابن حبانَ والحاكمُ، واستنكرهُ أبو حاتمِ)؛ لأنهُ من حديثِ عديِّ بن ثابتٍ عنْ أبيهِ عنْ جدِّهِ، وجدُّهُ لا يُعْرَفُ، وقدْ ضعَّفَ الحديثَ أبو داودَ.

وهذا الحديثُ فيهِ ردُّ المستحاضةِ إلى صفةِ الدمِ بأنهُ إذَا كانَ بتلكَ الصفةِ فهوَ حيضٌ، وإلا فهي استحاضةٌ. وقدْ قالَ بهِ الشافعيُّ في حقِّ المبتدِأَةِ، وقد تقدمَ في النواقضِ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لها: "إنما ذلكَ عِرْقٌ، فإذا أقبلتْ حيضتُكَ فدعيْ الصلاةَ، وإذا أدبرتْ فاغسلِي عنكِ الدمَ [وصلِّي] " (١).

ولا ينافيهِ هذا الحديثُ، فإنهُ يكونُ قولُه: "إنَّ دمَ الحيضِ أسودُ يعرفُ"، بيانًا لوقتِ إقبالِ الحيضةِ وإدبارهَا، فالمستحاضةُ إذَا ميَّزتْ أيامَ حيضِها: إما بصفةِ الدمِ، أو بإتيانهِ في وقتِ عادتِها إنْ كانتْ معتادةً وعلمتْ بعادتها، ففاطمةُ هذه يحتملُ أنها كانتْ معتادةً فيكونُ قولهُ: "فإذا أقبلتْ حيضتُكِ"، أيْ: بالعادةِ، أو غيرَ معتادة، فيرادُ بإقبالِ حيضتِها بالصفةِ، ولا مانعَ منِ اجتماعِ المعرفينِ في حقِّها وحقِّ غيرِها.

هذا وللمستحاضةِ أحكامٌ [خمسةٌ] (٢)، قد سلفتْ إشارةٌ إلى الوعدِ بِهَا.

منها: جوازُ وطئِها في حالِ جريانِ دمِ الاستحاضةِ عندَ جماهيرِ العلماءِ؛ لأنَّها كالطاهرِ في الصلاةِ والصومِ وغيرِهما، فكذا في الجماعِ؛ ولأنهُ لا يحرمُ إلَّا عنْ دليلٍ، ولم يأتِ دليل بتحريمِ جماعِهَا.

قال ابنُ عباسٍ: المستحاضةُ يأتيهَا زوجُها إذا صلَّتْ، الصلاةُ أعظمُ. يريدُ


(١) زيادة من (ب).
(٢) زيادة من (ب).