للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

للإجماعِ على أنهُ ليسَ المرادُ مَنْ أَتَى بركعةٍ فقطْ من الصلاتينِ صارَ مدرِكًا لهما. وقدْ وردَ في الفجرِ صريحًا في روايةِ البيهقي (١) بلفظ: "مَنْ أدركَ مِنَ الصبحِ ركعةً قبلَ أنْ تطلعَ الشمسُ، وركعة بعدَ أنْ تطلعَ [الشمسُ] (٢)، فقدْ أدركَ الصلاةَ"، وفي روايةٍ (٣): "مَنْ أدركَ مِنَ الصبحِ ركعةً قبلَ أنْ تطلعَ الشمسُ فليصلِّ إليها أخْرى"، وفي العصر مِنْ حديثِ أبي هريرةَ (٤) بلفظِ: "مَنْ صلَّى مِنَ العصرِ ركعةً قبلَ أنْ تغربَ الشمسُ ثمَّ صلَّى ما بقيَ بعدَ غروبِها لم يفُتْهُ العصرُ". والمرادُ مِنَ الركعةِ الإتيانُ بها بواجباتِها منَ [قراءةِ] (٥) الفاتحةِ، واستكمالِ الركوعِ والسجودِ. وظاهرُ الأحاديثِ أنّ الكلَّ أداءٌ، وأنَّ الإتيان ببعضِها قبلَ خروج الوقتِ ينسحبُ حكمهُ على ما بعدَ خروجهِ، فضلًا مِنَ اللَّهِ، ثمَّ مفهومُ ما ذُكِرَ أَنهُ مَنْ أدركَ دونَ ركعةٍ لا يكونُ مُدْرِكًا للصلاةِ، إلَّا أن الحديث الثاني عشر وهو قوله:

١٢/ ١٥١ - وَلِمُسْلِمٍ (٦) عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - نَحْوَهُ، وَقَالَ: "سَجْدَةً" بَدَلَ "ركعةً". ثُمَّ قَالَ: وَالسَّجْدَةُ إِنَّمَا هِيَ الرَّكْعَةُ. [صحيح]

(وَلِمُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - نحوُهُ وقالَ: "سجدةٍ" بدلَ "ركعة")؛ فإنهُ ظاهرٌ أن مَنْ أدركَ سجدةً صارَ مُدْرِكًا للصلاةِ، إلَّا أن قولَه (ثمَّ قَالَ) أي الراوي، ويحتملُ أنهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (والسجدةُ إنَّما هيَ الركعةُ) يدفعُ أنْ يرادَ بالسجدةِ نفسُها؛ لأنَّ هذَا التفسيرَ إنْ كانَ مِنْ كلامِه - صلى الله عليه وسلم - فلا إشكالَ، وإنْ كانَ منْ كلامِ الراوي فهوَ أعرفُ بمَا رَوَى. وقالَ الخطابيُّ: المرادُ بالسجدةِ الركعةُ بسجودِهَا وركوعِها، والركعةُ إنَّما تكونُ تامةً بسجودِها، فسمِّيتْ على هذَا المعنى سجدةً اهـ. ولو بقيتِ السجدةُ على بابِها لأفادتْ أن مَنْ أدركَ ركعةً بإحدى سجدتيْها صارَ مُدْرِكًا، وليسَ بمرادٍ لورودِ سائرِ الأحاديثِ بلفظِ الركعةِ، فتُحملُ روايةُ السجدةِ عليها فيبقى مفهومُ مَنْ أدركَ ركعةً سالمًا عما يعارضُه. ويحتملُ أن من أدركَ سجدةً فقدْ صارَ


(١) في "السنن الكبرى" (١/ ٣٧٨ - ٣٧٩).
(٢) زيادة من (ب).
(٣) في "السنن الكبرى" (١/ ٣٧٩).
(٤) أخرجه أبو عوانة (١/ ٣٥٨).
(٥) زيادة من (أ).
(٦) في "صحيحه" (١/ ٤٢٤ رقم ١٦٤/ ٦٠٩).