للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الروايةُ: فوردتْ بالتثنيةِ في حديثِ أبي محذورةَ (١) في بعضِ رواياتِهِ؛ وفي بعضها بالتربيع أيضًا، فذهب الأكثر إلى العمل بالتربيع لشهرة روايته ولأنَّها زيادةُ عدلٍ فهي مقبولةٌ. ودلَّ الحديثُ على عدمِ مشروعيةِ الترجيعِ. وقدِ اختلفَ [العلماء] (٢) في ذلكَ، فَمَنْ قَالَ: إنهُ غيرُ مشروعٍ، عملَ بهذهِ الروايةِ، ومَن قالَ: إنهُ مشروعٌ، عملَ بحديثِ أبي محذورة وسيأتي (٣). ودلَّ على أن الإقامةَ تفردُ ألفاظُها إلَّا لفظَ الإقامةِ، فإنهُ يكررُها. وظاهرُ الحديثِ أنهُ يفردُ التكبيرَ في أولها، ولكنَّ الجمهورَ على أن التكبيرَ في أولِها يكررُ مرتينِ. قالُوا: ولكنهُ بالنظرِ إلى تكريرهِ في الأذانِ أربعًا كأنهُ غيرُ مكررٍ فيْها، وكذلكَ يكررُ في آخرهَا، ويكررُ لفظُ الإقامةِ، وتفردُ بقيةُ الألفاظِ. وقدْ أخرجَ البخاريُّ حديثَ: "أمر بلالٍ أنْ يُشْفِعَ الأذانَ ويوترَ الإقامةَ إلَّا الإقامةَ" وسيأتي (٤)، وقدِ استدلَّ بهِ مَنْ قالَ: إن الأذانَ في كلِّ كلماتهِ مثْنَى مَثنى، وأَن الإقامةَ ألفاظُها مفردةٌ، إلَّا قدْ قامتِ الصلاةُ. وقدْ أجابَ أهلُ التربيعِ بأنَّ هذهِ الروايةَ صحيحةٌ دالةٌ على ما ذُكِرَ، لكنَّ روايةَ التربيعِ قدْ صحَّتْ بلا مريةٍ، وهي زيادةٌ منْ عدلٍ مقبولةً، فالقائلُ بتربيعِ التكبيرِ أولَ الأذانِ قدْ عملَ بالحديثينِ، ويأتي أن روايةَ: "يشفعُ الأذانَ" لا تدلُّ على عدمِ التربيعِ للتكبيرِ. هذَا ولا يخْفى أن لفظَ كلمةِ التوحيدِ في آخرِ الأذانِ والإقامةِ مفردةٌ بالاتفاقِ، فهوَ خارجٌ عن الحكمِ بالأمرِ بشفع الأذانِ. قالَ العلماءُ: والحكمةُ في تكريرِ الأذانِ وإفرادِ ألفاظِ الإقامةِ هي أن الأذانَ لإعلامِ الغائبينَ، فاحتيجَ إلى التكريرِ، ولذا يشرعُ فيهِ رفعُ الصوتِ وأنْ يكونَ على محلٍّ مرتفعٍ بخلافِ الإقامةِ؛ فإنها لإعلامِ الحاضرينَ، فلا حاجةَ إلى تكريرِ ألفاظها، ولذا شرعَ فيها خَفضُ الصوتِ والحدْرُ، وإنَّما كررتْ جملةُ: (قدْ قامتِ الصلاةُ)؛ لأنَّها مقصودُ الإقامةِ، (وزادَ أحمدُ في آخرهِ) [ظاهرُه] (٥) في [آخر] (٦) حديثِ عبدَ اللَّهِ بن زيدٍ [هذا] (٧).


(١) قلت: رواية التثنية عن أبي محذورة وردت من طرق صحيحة في الظاهر، إلا أن جميعها معلول؛ لأنها غلط من بعض الرواة.
وكذلك رواية التثنية عن عبد الله بن زيد، فإنها باطلة عنه؛ لأنها وقعت غلطًا من بعض الرواة.
انظر تفصيل ذلك في كتابنا: "إرشاد الأمة إلى فقه الكتاب والسنة" جزء الصلاة.
(٢) زيادة من (أ).
(٣) رقم (٤/ ١٦٨).
(٤) رقم (٥/ ١٦٩).
(٥) في (أ): "أي".
(٦) زيادة من (أ).
(٧) زيادة من (ب).