للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

روايةُ التربيع في التكبيرِ روايةَ الإفرادِ في الإقامةِ لصحتِها، فلا يقالُ: إنَّ التثنيةَ في ألفاظِ [كلمات] (١) الإقامةِ زيادةُ عدل فيجبُ قبولُها؛ لأنكَ قدْ عرفتَ أنَّها لم تصحَّ. والثاني لمالك فقالَ: تفردُ ألفاظُ الإقامةِ حتَّى "قدْ قامتِ الصلاةُ". والثالثُ للجمهورِ: أنها تفرَدُ ألفاظُها إلَّا "قدْ قامتِ الصلاةُ" فتكرَّرُ؛ عملًا بالأحاديثِ الثابتةِ بذلكَ.

٦/ ١٧٢ - وَللنَّسَائِيِّ (٢): أَمَرَ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بِلَالًا. [صحيح]

(وَلِلنَّسَائِيِّ: أمَرَ) أي: عنْ أنسٍ بالبناءِ للفاعلِ، وهوَ (النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بلالًا)، وإنما أتَى بهِ المصنفُ ليفيدَ أن الحديثَ الأولَ المتفقِ عليهِ مرفوعٌ وإنْ وردَ بصيغةِ البناءِ للمجهولِ، قالَ الخطابيُّ (٣): إسنادُ تثنيةِ الأذانِ وإفرادُ الإقامةِ أصحُّها أي الرواياتِ وعليهِ أكثرُ علماءِ الأمصارِ، وجرى العملُ بهِ في الحرمينِ، والحجازِ، والشام، واليمنِ، وديارِ مصرَ، ونواحي الغربِ إلى أقصى حجرٍ منْ بلادِ الإسلامِ، ثمَّ عدَّ مَنْ قالهُ منَ الأئمةِ. قلتُ: وكأنهُ أرادَ باليمنِ مَنْ كانَ فيها شافعيَّ المذهبِ، وإلَّا فقدْ عرفتَ مذهبَ الهادويةِ، وهمْ سكانُ غالبِ اليمنِ، وما أحسنَ ما قالهُ بعضُ المتأخرينَ - وقدْ ذكرَ الخلافَ في ألفاظِ الأذانِ: هلْ مثْنى أو أربعٌ؟ أي: التكبيرُ في أولهِ - وهلْ فيهِ ترجيعُ الشهادتينِ أوْ لا، والخلافُ في الإقامةِ - ما لفظُه: هذهِ المسألةُ مِنْ غرائبِ الواقعاتِ يقلُّ نظيرها في الشريعةِ بلْ وفي العاداتِ، وذلكَ أن هذهِ الألفاظَ في الأذانِ والإقامةِ قليلةٌ محصورةٌ معيَّنةٌ، يصاحُ بها في كلِّ يومٍ وليلةٍ خمسَ مراتٍ في أعلى مكانٍ، وقدْ أمرَ كلَّ سامعٍ أنْ يقولَ كما يقولُ المؤذنُ وهمْ خيرُ القرونِ في غرةِ الإسلامِ شديدو المحافظة على الفضائلِ، ومع هذَا كلِّه لمْ يذكرْ خوضَ الصحابةِ ولا التابعينَ واختلافَهم فيها، ثمَّ جاءَ الخلافُ الشديدُ في المتأخرينَ، ثمَّ كلٌّ منَ المتفرقينَ أدلى بشيءٍ صالحٍ في الجملةِ وإنْ تفاوتَ وليسَ بينَ الرواياتِ تنافٍ لعدمِ المانعِ منْ أنْ يكونَ كلٌّ سنة، كما نقولُه. وقدْ قيلَ في أمثالِه كألفاظِ التشهدِ وصورةِ صلاةِ الخوفِ.


(١) زيادة من (أ).
(٢) في "السنن" (٣/ ٢ رقم ٦٢٧) من حديث أنس.
(٣) في "معالم السنن" (١/ ٢٧٢ - ٢٧٣ - مع المختصر).