للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَا: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: إِنَّ بِلالًا يؤَذنُ بِليلٍ) قدْ بيَّنت روايةُ البخاريِّ أن المرادَ بهِ قُبَيْلَ الفجرِ، فإنَّ فيها: "ولم يكنْ بينَهما إلَّا أنْ يرقى ذَا وينزلَ ذَا"، وعندَ الطحاويِّ (١) بلفظِ: "إلَّا أنْ يصعدَ هذَا وينزلَ هذَا"، (فكلُوا واشربُوا حتى ينادي ابنُ أمِّ مكْتُوم)، واسمُه عمروٌ (وكانَ) أي ابنُ أمِّ مكتومٍ (رجلًا أعمى لا ينادي حتَّى يقالَ له أصبْحَتَ أصْبَحْتَ)، أي دخلتَ في الصباحِ. (متفقٌ عليهِ، وفي آخرهِ إدراجٌ)، أي كلامٌ ليسَ مِنْ كلامهِ - صلى الله عليه وسلم - يريدُ بهِ قولَهُ: "وكانَ رجلًا أعمى إلى آخرهِ". ولفظُ البخاريِّ هكذَا: "قالَ: وكانَ رجلًا أعمى بزيادةِ لفظِ قالَ"، وبَيَّنَ [الشارحُ] (٢) فاعلَ قالَ أنهُ ابنُ عمرَ، وقيلَ الزهريُّ، فهوَ كلامٌ مدرجٌ منْ كلام أحدِ الرجلينِ. وفي الحديثِ شرعيةُ الأذانِ قبلَ الفجرِ لا لما شُرعَ لهُ الأذانُ؛ فإنَّ الأذانَ شُرعَ كما سلفَ للإِعْلامِ بدخولِ الوقتِ، ولدعاءِ السامعينَ لحضورِ الصلاةِ، وهذا الأذانُ الذي قبلَ الفجرِ قدْ أخبرَ - صلى الله عليه وسلم - بوجهِ شرعيتِه بقولهِ: "ليوقظَ نائمَكم، ويُرجعَ قائمكَم"، رواهُ الجماعةُ إلا الترمذيَّ (٣). والقائمُ هُو الذي يصلِّي صلاةَ الليلِ ورجوعُه عَوْدة إلى نومهِ أو قعودُه عنْ صلائهِ إذا سمعَ الأذانَ، فليسَ للإعلامِ بدخولِ وقتٍ، ولا لحضورِ الصلاةِ، وإنَّما هوَ كالتسبيحةِ الأخيرةِ التي تفعلُ في هذهِ الأعصارِ، غايتُه أنهُ كانَ بألفاظِ الاذانِ، وهوَ مثلُ النداءِ الذي أحدثهُ عثمانُ في يومِ الجمعةِ لصلاتِها؛ فإنهُ كان يأمرُ بالنداءِ [لها] (٤) في محلٍّ يقالُ لهُ الزوراءُ (٥) [ليجتمعَ] (٦) الناسُ للصلاةِ، وكان ينادِي لها بألفاظِ الأذانِ


= الحديث أنها منه - لعدم فصلها عن الحديث - وليست منه.
انظر: "الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث" لابن كثير. تأليف أحمد محمد شاكر (ص ٦٩ - ٧٣) لتشاهد الأمثلة على جميع أنواع المدرج.
(١) في "شرح معاني الآثار" (١/ ١٣٨).
(٢) في (أ): "الشراح".
(٣) وهم: البخاري (٦٢١)، ومسلم (١٠٩٣)، وأبو داود (٢٣٤٧)، والنسائي (٤/ ١٤٨ رقم ٢١٧٠)، وابن ماجه (١٦٩٦)، وأحمد (١/ ٣٨٦، ٣٩٢، ٤٣٥) كلهم من حديث ابن مسعود.
(٤) في (أ): "إليها".
(٥) الزوراء: ممدود، وبعد الواو راء، هو موضع بالمدينة عند السوق قرب المسجد، وذكر الداودي أنه مرتفع كالمنار.
[مشارق الأنوار (١/ ٣١٥)].
(٦) في (ب): "فيجتمع".