للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مثلَما يقول المؤذِّنُ. متفقٌ عليه). فيهِ شرعيةُ القولِ لمنْ سمعَ المؤذنَ أنْ يقولَ كما يقولُ على أي حالٍ كانَ منْ طهارةٍ وغيرِها، ولو جُنُبًا أوْ حائضًا، إلا حالَ الجماعِ، وحالَ التخلي لكراهةِ الذكرِ فيهمَا. وأما إذا كانَ السامعُ في حالِ الصلاةِ ففيهِ أقوالٌ: الأقربُ أنه يؤخِّرُ الإجابةَ إلى بعدِ خروجهِ منْها. والأمرُ يدلُّ على الوجوب علَى السامعِ لا علَى مَنْ رآهُ فوقَ المنارةِ ولمْ يسمعْهُ، أوْ كانَ أصمَّ. وقدِ اختُلِفَ في وجوبِ الإجابةِ، فقالَ بهِ الحنفيةُ وأهلُ الظاهرِ وآخرونَ، وقالَ الجمهورُ: لا يجبُ، واستدلُّوا بأنهُ - صلى الله عليه وسلم - سمعَ مؤذنًا [فلما كبَّرَ قالَ: "على الفطرةِ"] (١)، فلما تشهَّدَ قالَ: "خرجتَ منَ النَّارِ"، أخرجهُ مسلمٌ (٢). قالُوا: فلو كانتِ الإجابةُ واجبةً لقالَ - صلى الله عليه وسلم - كما قالَ المؤذنُ، فلمَّا لم يقلْ دلَّ على أن الأمرَ في حديثِ أبي سعيدٍ للاستحبابِ، وتُعقِّبَ بأنهُ ليسَ في كلامِ الراوي ما يدلُّ على أنهُ - صلى الله عليه وسلم - لمْ يقلْ كما قالَ، فيجوزُ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قالَ مِثْلَ قولهِ ولم ينقلْه الراوي اكتفاءً بالعادةِ، ونقلَ الزائدَ. وقولُه: "مثلَما يقولُ"، يدلُّ أنهُ يتبعُ كلَّ كلمةٍ [يسمعُها] (٣) فيقولُ مثلَها. وقدْ روتْ أمُّ سلمةَ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - "كانَ يقولُ كما يقولُ المؤذنُ حتَّى يسكتَ"، أخرجهُ النسائيُّ (٤). فلو لمْ يجاوبهُ حتى فرغَ منَ الأذانِ استُحِبَّ لهُ


(١) زيادة من (أ).
(٢) في "صحيحه" (٩/ ٣٨٢).
قلت: وأخرجه الترمذي (١٦١٨)، وقال: حديث حسن صحيح، وابن خزيمة (١/ ٢٠٨ رقم ٤٠٠)، وأبو عوانة (١/ ٣٣٦) من حديث أنس.
(٣) في (أ): "سمعها".
(٤) عزاه إليه الحافظ في "الفتح" (٢/ ٩١) من حديث أم حبيبة.
قلت: وأخرج حديث أم حبيبة أحمد في "المسند" (٦/ ٣٢٦)، وابن ماجه (٧١٩)، وابن خزيمة (١/ ٢١٥ رقم ٤١٢)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ١٤٣)، والحاكم في "المستدرك" (١/ ٢٠٤).
وهو حديث ضعيف؛ لأن مداره على "عبد الله بن عُتبة بن أبي سفيان" وهو مجهول. وقال الذهبي في "الميزان" (٢/ ٤٥٩ رقم ٤٤٤١): "لا يكاد يُعْرَف، تفرَّدَ عنه أبو المليح بن أسامة"، وقال الحافظ في "التقريب" (١/ ٤٣١ رقم ٤٥٩): مقبول. والظاهر أن الحافظ اعتبر أن جهالة العين قد ارتفعت برواية ابن خزيمة له في "صحيحه"، فيعتبر توثيقًا من ابن خزيمة، وبه صارت جهالتُهُ جهالة حال فقط، فقال فيه: مقبول.
وأما الحافظ الذهبي فاعتبرها جهالة عين، وهذا هو الراجح. =