للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وله) أي [للترمذي] (١)، (عنْ أبي هريرةَ - رضي الله عنه - أَنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "لا يؤذن إلَّا متوضئٌ"، وضعفهُ أيضًا) أي كما ضعفَ الأولَ فإنهُ ضعفَ هذا بالانقطاعِ، إذْ هوَ عن الزهريِّ، عنْ أبي هريرةَ. قالَ الترمذيُّ (٢): والزهريُّ لمْ يسمعْ مِنْ أبي هريرةَ، والراوي عن الزهريِّ ضعيفٌ، وروايةُ الترمذيِّ (٣) منْ روايةِ يونسَ عن الزهريِّ عنهُ موقوفًا إلَّا أنهُ بلفظِ: "لا يُنادِي"، وهذا أصحُّ. ورواهُ أبو الشيخِ (٤) في كتابِ الأذانِ منْ حديثِ ابن عباسٍ بلفظ: "إنَّ الأذانَ متصلٌ بالصلاةِ فلا يؤذِّنْ أحدُكم إلَّا وهو طاهرٌ"، وهوَ دليلٌ على اشتراطِ الطهارةِ للأذانِ مِنَ الحدثِ الأصغرِ، ومنَ الحدثِ الأكبرِ بالأوْلى. وقالتِ الهادويةُ: يشترطُ فيهِ الطهارةُ منَ الحدثِ الأكبرِ، فلا يصحُّ أذانُ الجنُبِ، ويصحُّ منْ غيرِ المتوضئِ عملًا بهذَا الحديثِ كما قالهُ في الشرحِ.

قلتُ: ولا يَخْفَى أن الحديثَ دالٌّ على شرطيةِ كونِ المؤذنِ متوضئًا فلا وجهَ لما قالوهُ منَ التفرقةِ بينَ الحديثينِ، وأما استدلالهم لصحتهِ منَ المحْدِثِ حدثًا أصغرَ بالقياسِ على جوازِ [قراءةِ] (٥) القرآنِ فقياسٌ في مقابلةِ النصِّ لا يعملُ بهِ عندَهم في الأصولِ. وقدْ ذهبَ أحمدُ [وآخرونَ] (٦) إلى أنهُ لا يصحُّ أذانُ المحْدِثِ حَدثًا أصغرَ عملًا بهذَا الحديثِ، وإنْ كانَ فيهِ ما عرفتَ والترمذيُّ صححَ وَقْفَهُ على أبي هريرةَ. وأمَّا الإقامةُ فالأكثرُ على شرطيةِ الوضوءِ لها قالُوا: لأنهُ لمْ يَردْ [أنَّها وقعتْ] (٧) على خلافِ ذلكَ في عهدِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، ولا يخْفَى ما فيهِ، وقالَ قومٌ: تجوز [بغيرِ] (٨) وضوءٍ وإن كانَ مكروهًا. وقالَ آخرونَ: تجوزُ [بغير] (٩) كراهةٍ.


(١) في (ب): "الترمذي"
(٢) في "السنن": (١/ ٣٩٠).
(٣) في "السنن" (١/ ٣٩٠ رقم ٢٠١) وهو حديث ضعيف على كل حال، للانقطاع بين الزهري وأبي هريرة.
(٤) في كتاب "الأذان"، كما في "كنز العمال" (٧/ ٦٩٦ رقم ٢٠٩٧٦).
(٥) في (أ): "قراءته".
(٦) في (أ): "وغيره".
(٧) في (أ): "أنه وقع".
(٨) في (ب): "على غير".
(٩) في (ب): "بلا".