للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَابْدَأُوا بِهِ قَبْلَ أَنْ تُصَلوا الْمَغْرِبَ"، مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (١). [صحيح]

(وَعَنْ أنَسٍ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: إِذَا قُدِّمَ الْعَشَاءُ) ممدودٌ كسماءٍ، طعامُ العشيِّ كما في القاموس (٢)، (فَابْدَأوا بِهِ) أي بأكلهِ، (قَبْلَ أَنْ تصَلُّوا الْمَغْرِبَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ). وقدْ وردَ بإطلاقِ لفظِ الصلاةِ. قالَ ابنُ دقيقِ العيدِ: فيحملُ المطلقُ على المقيدِ، ووردَ بلفظِ (٣): "إذا وُضِعَ العشاءُ وأحدُكم صائمٌ" فلا يقيدُ بهِ لما عرفَ في الأصولِ منْ أن ذكرَ حكم الخاصِّ الموافقِ لا يقتضي تقييدًا ولا تخصيصًا. والحديثُ دالٌّ على إيجابِ تقديمِ أكلِ العَشَاءِ إذا حضرَ على صلاةِ المغربِ. والجمهورُ حملوهُ على الندبِ. وقالتِ الظاهريةُ: بلْ يجبُ تقديمُ أكلِ العَشَاءِ، فلوْ قدمَ الصلاةَ [بطلت] (٤) عملًا بظاهرِ الأمرِ. ثمَّ الحديثُ ظاهرٌ [في] (٥) أنهُ يقدمُ العشاءُ مطلقًا، سواءً كانَ محتاجًا إلى الطعام أوْ لا، وسواءٌ خشيَ فسادَ الطعامِ أو لا، وسواءً كانَ خفيفًا أوْ لَا. وفي [تأويل] (٦) الحديثِ تفاصيلُ أخرُ بغيرِ دليلٍ، بلْ تتبَّعُوا علةَ الأمرِ بتقديمِ الطعامِ فقالُوا: [هوَ] (٧) تشويشُ الخاطرِ بحضورِ الطعامِ، وهو يُفْضِي إلى ترك الخشوعِ في الصلاةِ، وهي علةٌ ليسَ عليْها دليل إلَّا ما يُفْهَمُ مِنْ كلامِ بعضِ الصحابةِ؛ فإنهُ أخرجَ ابنُ أبي شيبةَ (٨) عنْ أبي هريرةَ وابنِ عباسٍ "أنَّهما كانَا يأكلانِ طعامًا، وفي التنورِ شواءٌ، فأرادَ المؤذنُ أنْ يقيمَ الصلاةَ، فقالَ لهُ ابنُ عباسٍ: لا تعجلْ لا نقوم وفي أنفسِنا منهُ شيءٌ"، وفي روايةٍ (٩): "لئلَّا يعرضُ لنا في صلاتِنا". وله (١٠) عن الحسنِ بن عليّ عليه السلام أنهُ


(١) البخاري (٦٧٢) و (٩/ ٥٨٤ رقم ٥٤٦٣)، ومسلم (٦٤/ ٥٥٧).
قلت: وأخرجه الترمذي (٢/ ١٨٤ رقم ٣٥٣) وقال: حديث حسن صحيح. والنسائي (٢/ ١١ رقم ٨٥٣).
(٢) "المحيط" (ص ١٦٩١).
(٣) ذكره ابن حجر في "الفتح" (٢/ ١٦٠) وصحَّحه.
(٤) في (ب): "لبطلت".
(٥) زيادة من (ب).
(٦) في (ب): "معنى".
(٧) في (أ): "هي".
(٨) وسعيد بن منصور - كما في "الفتح" (٢/ ١٦١) بإسناد حسن.
(٩) أخرجها ابن أبي شيبة - كما في "الفتح" (٢/ ١٦١).
(١٠) أي لابن أبي شيبة - كما في "الفتح" (٢/ ١٦١).