للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تعالى: {في بيُوتٍ أَذنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} (١)، وأما السنةُ فبحديثِ: "جَنِّبُوا مساجدَكم صبيانَكم (٢)، [ومجانينكم، وسلِّ سيوفكم، وإقامة حدودكم وخصوماتكم، وجمِّروها في الجُمَع، واجعلوا على أبوابها المطاهر". أخرجه ابنُ عدي، والطبراني في الكبير، والبيهقي، وابن عساكر. وكان يقول القائل بالنسخ أنه إذا نهى عن الخصومة وسل السيوف فبالأولى عن اللعب بالحراب، وفيه بُعد] (٣)، وتُعُقّب بأنه حديثٌ ضعيفٌ، وليسَ فيهِ ولا في الآيةِ تصريحٌ [بما] (٤) ادَّعاهُ، ولا عرفَ التاريخُ فيتمُّ النسخُ. وقدْ حُكِيَ أن لعبهَم كانَ خارجَ المسجدِ، وعائشةُ كانتْ في المسجدِ. وهذَا مردودٌ بما ثبتَ في بعضِ طرقِ هذا الحديث (٥) أن عمرَ أنكرَ عليهمْ لعبَهم في المسجدِ، فقال لهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "دعْهُم"، وفي بعض ألفاظِهِ (٦) أنهُ قال - صلى الله عليه وسلم - لعمرَ: "لتعلم اليهودُ أن في دينِنَا فسحةً، وأني بُعِثْتُ بحنيفيةٍ سمحةٍ"، وكأنَّ عمرَ بَنَى عَلَى الأصلِ في تنزيهِ المساجدِ فبينَ لهُ - صلى الله عليه وسلم - أن التعمقَ [والتشددَ] (٧) ينافي قاعدةَ شريعتِهِ - صلى الله عليه وسلم - منَ التيسيرِ والتسهيلِ، وهذا يدفعُ قول الطبريِّ (٨): إنهُ يُغْتَفَرُ للحبشِ ما لا يُغْتَفَرُ لغيرِهم فيقرُّ حيثُ وردَ، ويدفعُ قول مَنْ قال: إنَّ اللعبَ بالحرابِ ليس لعبًا مجردًا بلْ فيهِ تدريبُ الشجعانِ على مواضعِ الحروبِ، والاستعدادِ للعدوِّ، ففي ذلكَ منَ المصلحةِ التي تجمعُ عامةَ المسلمينَ


(١) سورة النور: الآية ٣٦.
(٢) وهو حديث ضعيف تقدَّم تخريجه في نهاية شرح الحديث رقم (٦/ ٢٤١).
(٣) زيادة من (أ). وبدل الزيادة في (ب): "الحديث".
(٤) في (أ): "لما".
(٥) في صحيح البخاري (رقم ٩٨٨).
(٦) أخرجه أحمد في "المسند" (٦/ ١١٦ و ٢٣٣)، والديلمي (٢/ ١١٠) بسند حسن. وأورده ابن حجر في "الفتح" (٢/ ٤٤٤) وسكت عليه.
وأخرجه الحميدي في "المسند" (١/ ١٢٣ - ١٢٤ رقم ٢٥٤) بلفظ: "العبوا، يا بني أرفدة! تعلم اليهود والنصارى أن في ديننا فسحة" ورجاله ثقات. إلا أن التيمي هذا لم يذكروا له رواية عن الصحابة، سوى أبي أمامة بن سهل بن حنيف، فإنه معدود في الصحابة، وله رؤية، ولم يسمع من النبي - صلى الله عليه وسلم - فما أظن التيمي سمع من عائشة.
ولكن الحديث بمجموع طرقه صحيح.
[الصحيحة للمحدث الألباني (٤/ ٤٤٣ - ٤٤٤ رقم ١٨٢٩)، و"كشف الخفاء" (١/ ٢٥١ رقم ٦٥٨).
(٧) في (ب): "التشديد".
(٨) ذكره ابن حجر في "الفتح" (٢/ ٤٤٤).