للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والحديثُ فيهِ دلالةٌ على تعيينِ التكبيرِ عندَ الدخولِ في الصلاةِ. وتقدمَ الكلامُ فيهِ في حديثِ أبي هريرةَ أولَ البابِ (١). واستدلَّ بقولِها: "والقراءةُ بالحمدِ" على أن البسملةَ ليستْ منَ الفاتحةِ، وهوَ قولُ أنسٍ وأُبي منَ الصحابةِ، وقالَ بهِ مالكٌ، وأبو حنيفةَ، وآخرونَ، وحجَّتُهم هذا الحديثِ. وقد أجيبَ عنهُ بأنَّ مرادهَا بالحمدِ لله ربِّ العالمينَ السورةُ نفسُها لا هذَا اللفظُ؛ فإنَّ الفاتحةَ تُسَمَّى بالحمدِ للَّهِ ربّ العالمينَ، كما ثبتَ في صحيحِ البخاريّ (٢)؛ فلا حجةَ فيهِ على أن البسملةَ ليستْ منَ الفاتحةِ. ويأتي الكلامُ [عليهِ] (٣) مُسْتَوْفَى في حديثِ أنسٍ (٤) قريبًا. وتقدمَ الكلامُ على أنهُ في ركوعهِ لا يرفعُ رأسَهُ ولا يخفضُهُ كما تقدمَ على قولِهِ: (وكانَ إذا رفعَ رأسَه) إلى قولِهِ: (وكانَ يقول التحيةَ). والمرادُ بها الثناءُ المعروفُ بالتحياتِ للَّهِ الآتي لفظُهُ في حديثِ ابن مسعود (٥) [إن] (٦) [شاء اللَّهُ تعالى] (٧)، ففيه شرعيةُ التشهدِ الأوسطِ والأخيرِ. ولا يدلُّ على الوجوب لأنهُ فعلٌ إلَّا أنْ يقال إنهُ بيانٌ لإجمالِ الصلاةِ في القرآنِ المأمورِ بهَا وُجُوبًا. والأَفعالُ لبيانِ الواجبِ واجبةٌ أوْ يقالْ بإيجابِ أفعالِ الصلاةِ لقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "صلُّوا كما رأيتموني أُصَلِّي" (٨). وقدِ اختُلِفَ في التشهدينِ، فقيلَ واجبانِ، وقيلَ [سنتانِ] (٩)، وقيلَ الأولُ سنةٌ والأخيرُ واجبٌ. ويأتي الكلامُ في حديثِ ابن مسعودٍ إنْ شاءَ اللَّهَ تعالَى على التشهدِ الأخير، وأما الأوسطِ فإنهُ استدلَّ مَنْ قالَ بالوجوب بهذا الحديثِ كما قررناهُ، وبقولهِ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا صلَّى أحدُكمْ فليقلْ التحياتُ للَّهِ" (١٠) الحديثَ. ومَنْ قالَ بأنَّها سنةٌ استدلَّ بأنهُ - صلى الله عليه وسلم - لما سَهَا عنهُ لمْ يعدْ لأدائِهِ وجبره بسجودِ السهوِ ولوْ وجبَ لمْ يجبرْهُ سجودُ السهوِ كالركوعِ وغيرِهِ منَ الأركانِ. وقدْ ردَّ هذا الاستدلالُ بأنهُ يجوزُ أنْ يكونَ الوجوبُ معَ الذكرِ فإن نسيَ حتَّى دخلَ في


(١) رقم الحديث (١/ ٢٥٢).
(٢) (رقم ٤٤٧٤).
(٣) زيادة من (ب).
(٤) رقم الحديث (١٤/ ٢٦٥).
(٥) رقم الحديث (٤٦/ ٢٩٧).
(٦) زيادة من (ب).
(٧) زيادة من (ب).
(٨) وهو حديث صحيح، تقدَّم تخريجه في شرح الحديث رقم (٣/ ٢٥٤).
(٩) في (أ): "مسنونان".
(١٠) وهو حديث صحيح، سيأتي تخريجه رقم (٤٦/ ٢٩٧).