للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَاجْتَهِدُوا في الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابُ لَكُمْ"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ (١). [صحيح]

(وَعَنْ ابْنِ عَبّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَلَا وَإِنِي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا)؛ فكأنهُ قيلَ فماذا تقولُ فيْهِمَا؟ فقالَ: (فَأَمّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ)، قدْ بيَّنَ كيفيةَ هذا التعظيمِ حديثُ مسلمٍ (٢) عنْ حذيفةَ: "فجعلَ يقولُ أي رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: سبحانَ ربيَ العظيمِ". (وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا في الدُّعَاءِ فَقَمِنٌ) بفتحِ القافِ، وكسرِ الميمِ، ومعناهُ حقيقٌ (أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

الحديثُ دليل على تحريمِ قراءةِ القرآنِ حالَ الركوعِ والسجودِ؛ لأنَّ الأصلَ في النهي التحريمُ. وظاهرُهُ وجوبُ تسبيحِ الركوعِ [والسجود] (٣)، ووجوبُ الدعاءِ [في السجودِ] (٤) للأمرِ بهمَا. وقدْ ذهبَ إلى ذلكَ أحمدُ بنُ حنبلٍ، وطائفةٌ منَ المحدثينَ. وقالَ الجمهورُ: إنهُ مستحبٌ لحديثِ المسيءِ صلاتِهِ؛ فإنهُ لمْ يعلِّمْهُ - صلى الله عليه وسلم - ذلكَ، ولو كانَ واجبًا لأمرهُ بهِ. ثمَّ ظاهرُ قولهِ: (فعظِّمُوا فيهِ الربَّ) أنها تجزئُ المرةُ الواحدةُ، ويكونُ بها ممتثلًا ما أُمِرَ بهِ. وقدْ أخرجَ أبو داودَ (٥) منْ حديثٍ ابن مسعودٍ: "إِذَا ركَعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَقُلْ ثلاثَ مراتٍ سبحانَ ربيَ العظيمِ، وَذَلِكَ أَدْنَاهُ" ورواهُ الترمذيُّ (٦)، وابنُ ماجَهْ (٧)، إِلَّا أنهُ قالَ أبو داودَ فيهِ: إرسالٌ. وكذَا قال البخاريُّ، والترمذيُّ. وفي قولهِ: "ذلكَ أدناهُ"، ما يدلُّ على أَنَّها لا تجزئُ المرةُ الواحدةُ. والحديثُ دليل على مشروعيةِ الدعاءِ حالَ السجودِ بأي دعاءٍ كانَ، منْ طلبِ خيرِ الدنيا والآخرةِ، والاستعاذةِ من شرِّهِمَا، وأنهُ محل الإجابةِ. وقد بينَ بعضَ الأدعيةِ ما أفادهُ قولُهُ:


(١) في "صحيحه" (رقم ٢٠٧/ ٤٧٩).
قلت: وأخرجه أبو داود (رقم ٨٧٦)، والنسائي (٢/ ١٨٩ - ١٩٠)، وأحمد (١/ ٢١٩)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (١/ ٨٧ - ٨٨)، وفي "دلائل النبوة" (٧/ ١٩٦)، والشافعي في "ترتيب المسند" (١/ ٩٠).
(٢) في "صحيحه" (رقم ٢٠٣/ ٧٧٢) وقد تقدم.
(٣) زيادة من (أ).
(٤) في (أ): "فيه".
(٥) في "السنن" (رقم ٨٨٦) وقال: هذا مرسل. عون لم يدرك عبد الله.
(٦) في "السنن" (٢/ ٤٦ رقم ٢٦١) وقال: حديث ابن مسعود ليس إسنادُه بمتصل، عون بن عبد الله بن عُتبة لم يلق ابن مسعود.
(٧) في "السنن" (١/ ٢٨٧ رقم ٨٩٠). وهو حديث ضعيف. وانظر: "نصب الراية" للزيلعي (١/ ٣٧٥ - ٣٧٦).