للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفتحِ الحاءِ المهملةِ وسكونِ المثناةِ التحتيةِ، وبعدَها نونٌ، وهوَ اسم لأمِّ عبدِ اللَّهِ، واسمُ أبيهِ مالكُ بنُ القِشْبِ بكسرِ القافِ وسكونِ الشينِ المعجمةِ فموَّحدةِ، الأزديِّ. ماتَ عبدُ اللَّهِ في ولايةِ معاويةَ بينَ سنةِ أربعٍ وخمسينَ، وثمانٍ وخمسينَ (أَنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ إِذَا صَلَّى فَرَّجَ) بفتحِ الفاءِ وتشديدِ الراءِ آخرُه جيمٌ، (بَيْنَ يَدَيْهِ) أي باعدَ بينَهما، أي نحَّى كلَّ يدٍ عن الجنبِ الذي يليْها (حَتى يَبْدُوَ بَيَاضُ إِبِطَيْهِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

الحديثُ دليلٌ على فعلِ هذهِ الهيئةِ في الصلاةِ، قيلَ: والحكمةُ في ذلكَ أنْ يظهرَ كلُّ عضوٍ بنفسهِ ويتميزَ حتى يكونَ الأنسانُ الواحدُ في سجودهِ كأنهُ عددٌ. ومُقْتَضَى هذا أنْ يستقلَّ كلُّ عضوٍ بنفسهِ ولا يعتمدُ بعضُ الأعضاءِ على بعضٍ. وقد ورد هذا المعنى مصرَّحًا به فيما أخرجه الطبراني (١) وغيره من حديث ابن عمر بإسناد ضعيف: "أنه قال: لا تفترش افتراش السبع، واعتمد على راحتيك، وأبِّد ضبعيك؛ فإذا فعلت ذلك سجد كل عضو منك"، وعند مسلم (٢) من حديث مَيْمُونَة: "كَانَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يجافي بيديه؛ فلو أن بَهيمة أرادت أَنْ تَمُرَّ مَرَّتْ". وظاهر الحديث الأول وهذا مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: "صلُّوا كما رأيتموني أصلِّي" (٣) يقتضي الوجوب، ولكنه قد أخرج أبو داود (٤) من حديث أبي هريرة ما يدل على أن ذلك غير واجب بلفظ: "شَكَا أَصْحَابُ النبي - صلى الله عليه وسلم - له مَشَقَّةَ السُّجُودِ عليهم إذا تَفَرَّجُوا


(١) لم أعثر عليه من حديث ابن عمر؟!!
(٢) في "صحيحه" (رقم ٢٣٧/ ٤٩٦).
(٣) وهو حديث صحيح تقدَّم تخريجه.
(٤) في "السنن" (١/ ٥٥٦ رقم ٩٠٢).
قلت: وأخرجه الترمذي (رقم ٢٨٦)، والبيهقي (٢/ ١١٦ - ١١٧)، والحاكم (١/ ٢٢٩)، وابن حبان في "الإحسان" (٣/ ١٩٢ - ١٩٣ رقم ١٩١٥)، وأبو يعلى في "المسند" (١٢/ ١٨ رقم ٨٢٤/ ٦٦٦٤)، وفي "المعجم" (ص ٨١ رقم ٢٨)، وأحمد في "المسند" (٢/ ٣٣٩ - ٣٤٠)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٢٣٠).
قال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي صالحٍ، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلَّا من هذا الوجه" من حديثِ الليثِ عن ابن عجلان.
وقد روى هذا الحديث سفيان بن عيينة وغير واحد عن سُمَيٍّ، عن النعمان بن أبي عياش، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو هذا. وكأنه رواية هؤلاء أصح من رواية الليث".
قلت: لم ينفرد به الليث بل توبع، مع العلم أن الليث ثقة مأمون لا يضر تفرده.
وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي.
وخلاصة القول: أن الحديث حسن، والله أعلم.