للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أنْ يسلِّم". وحديثُ أبي سعيدٍ (١) مَنْ شكَّ وفيهِ" [أنه] (٢) يسجدُ سجدتينِ قبلَ [التسليمِ] (٣) "، وحديثُ أبي هريرةَ (٤) وفيهِ القيامُ إلى الخشبةِ، وأنهُ سجدَ بعدَ السلامِ، وحديثُ ابن بحينةَ (٥)؛ وفيهِ السجودُ قبلَ السلامِ، ولما وردتْ هكذا اختلفتْ آراءُ العلماءِ في الأخذِ بها، فقالَ داودُ: تستعملُ في مواضعِها على ما جاءتْ بهِ ولا يقاسُ عليها، ومثلُه قالَ أحمدُ في هذه الصلاةِ خاصةً، [وخالفَ] (٦) فيما سواها، فقالَ: يسجدُ قبلَ السلامِ لكلِّ سهوٍ. وقالَ آخرونَ: هوَ مخيرٌ في كلِّ سهوٍ إنْ شاءَ سجدَ بعدَ السلامِ وإنْ شاءَ قبلَ السلامِ في الزيادةِ والنقصِ. وقالَ مالكٌ: إنْ كانَ السجودُ لزيادةٍ سجدَ بعدَ السلامِ، وإنْ كانَ لنقصانٍ سجدَ قبلَه. وقالتِ الهادويةُ والحنفيةُ: الأصلُ في سجودِ السهوِ بعدَ السلامِ، وتأولُوا الأحاديثَ الواردةَ في السجودِ قبلَه [وستأتي أدلتَهم] (٧). وقالَ الشافعيُّ: الأصلُ السجودُ قبلَ السلامِ، وردَّ ما خالفَهُ منَ الأحاديث بادعائهِ نسخَ السجودِ بعدَ السلامِ. ورُويَ عن الزهريِّ (٨) قالَ: "سجدَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سجدتيْ السهوِ قبلَ السلامِ وبعدَهُ، وآخرُ الأمرينِ قبلَ السلام. وأيَّدَهُ بروايةِ معاويةَ (٩): "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - سجدَهَما قبلَ السلامِ"، وصحبتهُ متأخرةٌ. وذهبَ إلى مثلِ قولِ الشافعيِّ أبو هريرةَ، ومكحولٌ، والزهريُّ، وغيرُهم. قالَ في الشرحِ: وطريقُ الإنصافِ أن الأحاديثَ الواردةَ في ذلكَ قولًا وفعلًا فيها نوعُ تعارضٍ. وتقدُّمُ بعضِها، وتأخرُ


(١) تقدم رقم (٤/ ٣١٦).
(٢) في (أ): "أن".
(٣) في (أ): "السلام".
(٤) تقدم رقم (٢/ ٣١٤).
(٥) قدم رقم (١/ ٣١٣).
(٦) في (ب): "وخالفه".
(٧) في (أ): "وتأتي أدلته".
(٨) ذكره البيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ٣٤١)، والحازمي في "الاعتبار" (ص ٣٠٠)، وهو حديث منقطع، لا يقع معارضًا للأحاديث الثابتة.
(٩) أخرجه الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (١/ ٤٣٩)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٢/ ٣٣٤)، وأصله عند النسائي (٣/ ٣٣)، والدارقطني (١/ ٣٧٥ رقم ٤) إلا أن التصريح بالسجود قبل السلام إنما وقع صريحًا عند الآخرين، وهو من رواية محمد بن يوسف مولى عثمان عن أبيه أن معاوية بن أبي سفيان صلى بهم فقام وعليه جلوس فلم يجلس، فلما كان في آخر صلاته سجد سجدتين قبل أن يسلم. وقال: هكذا رأيت رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يصنع. وهو حديث ضعيف.