للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قالَ المصنفُ (١): والحقُّ أنهُ تقومُ بهِ الحجةُ إلا أنهُ صرفَ الأمرَ عن الوجوبِ ما وردَ منْ عدمِ مداومتِهِ - صلى الله عليه وسلم - على فعلِها.

وفرَّطَ جماعةٌ فقالُوا بكراهتِها، واحتجُّوا بأنَّ ابنَ عمرَ كانَ لا يفعلُ ذلكَ، ويقولُ: "كفى بالتسليمِ" أخرجهُ عبدُ الرزاقِ (٢)، وبأنهُ كانَ يحصبُ مَنْ يفعلُها. وقالَ ابنُ مسعودِ: "ما بالُ الرجلِ إذا صلَّى الركعتينِ تمعَّكَ كما يتمعَّكُ الحمارُ".

وتوسطَ [فيها] (٣) طائفةٌ منهمْ مالكٌ وغيرُه، فلمْ يَرَوْا بها بأسًا لمن فعلَها راحةً، [وكرهوها] (٤) لمنْ فعلَها استنانًا. ومنهمْ مَنْ قال باستحبَابِها على الإطلاق سواءٌ فعلَها استراحةً أم لا. قيلَ: وقدْ شرعتْ لمنْ يتهجدُ منَ الليلِ؛ لما أخرجهُ عبدُ الرزاقِ (٥) عن عائشةَ كانتْ تقولُ: "إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لمْ يضطجعْ لسنةٍ لكنهُ كانَ يدأبُ ليلهُ فيضطجعُ ليستريحَ منهُ". وفيهِ راوٍ لمْ يُسَمَّ. وقالَ النوويُّ (٦): المختارُ أنَّها سنةٌ؛ لظاهرِ حديث أبي هريرةَ.

قلتُ: وهوَ الأقربُ، وحديثُ عائشةَ لو صحَّ فغايتُهُ أنهُ إخبارٌ عن فهمِهَا، وعدمُ استمرارِهِ - صلى الله عليه وسلم - عليها دليلُ سُنِّيَتِها، ثمَّ إنهُ يسنُّ على الشقِّ الأيمنِ. قالَ ابنُ حزمٍ: فإنْ تعذَّرَ على الأيمنِ، فإنهُ يومئُ ولا يضطجعُ على الأيسرِ.

١٢/ ٣٤٤ - وعَنْ أَبِي هُرَيْرَة رضي الله عنه قالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الرَّكْعَتَينِ قَبْلَ صَلاةِ الصُّبْحِ، فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى جَنْبِهِ الأيمَنِ". رَوَاهُ أَحْمَدُ (٧)، وَأَبُو دَاوُدَ (٨)، والترْمِذِي وَصَحَّحَهُ (٩). [صحيح]

(وَعَنْ أَبِي هريرةَ رضي الله عنه قَالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إذا صلَّى أحدُكم الركعتينِ قبلَ


(١) في "الفتح" (٣/ ٤٤).
(٢) في "المصنف" (٣/ ٤٢ رقم ٤٧٢٠).
(٣) زيادة من (ب)
(٤) في (أ): "كرهوا".
(٥) في "المصنف" (٣/ ٤٣ رقم ٤٧٢٢).
(٦) في "شرح صحيح مسلم" (٩/ ١٦).
(٧) في "المسند" (٢/ ٤١٥).
(٨) في "السنن" (٢/ ٤٧ رقم ١٢٦١).
(٩) في "السنن" (٢/ ٢٨١ رقم ٤٢٠).
وهو حديث صحيح، تقدم الكلام عليه أثناء شرح الحديث (رقم ١١/ ٣٤٣).