للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الشافعيُّ في القديمِ: إسنادهُ مجهولٌ، قالَ البيهقيُّ: لأنَّ يزيدَ بنَ الأسودِ ليسَ له راوٍ غيرُ ابنهِ، ولا لابنهِ جابرٍ غير يَعْلَى. قلتُ: يَعْلَى من رجالِ مسلمٍ، وجابرٌ وثَّقَهُ النسائيُّ وغيرُه. انتهى.

وهذا الحديثُ وقعَ في مسجدِ الخيفِ في حجةِ الوداعِ، فدلَّ على مشروعيةِ الصلاةِ معَ الإمامِ إذا وجدَهُ يصلِّي، أو سيصلِّي بعدَ أنْ كانَ قد صلَّى جماعةً أو فُرادى، والأُولى هي الفريضةُ، والأخْرى نافلةٌ كما صرحَ بهِ الحديثُ. وظاهرهُ أنهُ لا يحتاجُ إلى رفضِ الأُولى، وذهبَ إلى هذا زيدُ بنُ عليٍّ، والمؤيدُ [باللهِ] (١)، وجماعةٌ منَ الآلِ، وهوَ قولُ الشافعيِّ. وذهبَ الهادي ومالكٌ وهوَ قولُ [للشافعي] (٢) إلى أن الثانيةَ هيَ الفريضةُ لما أخرجه أبو داودَ (٣) من حديثٍ يزيدَ بن عامرٍ أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "إذا جئتَ الصلاةَ فوجدتَ الناسَ يصلونَ فصلِّ معَهُم إنْ كنتَ قد صلّيتَ تكنْ لك نافلةً، وهذهِ مكتوبةٌ"، وأجيبَ بأنهُ حديثٌ ضعيف ضعّفهُ النوويُّ [وغيرُه] (٤)، وقال البيهقيُّ: هو مخالفٌ لحديثِ يزيدَ بن الأسودِ وهوَ أصحُّ، ورواهُ الدارقطني بلفظِ: "وليجعلْ التي صلَّى في بيتهِ نافلةً". قال الدارقطنيُّ: هذه روايةٌ ضعيفةٌ شاذةٌ (٥)، وعلى هذا القولِ لا بدَّ منَ الرفضِ للأُولى بعدَ دخولهِ في الثانيةِ، وقيلَ: بشرطِ فراغهِ من الثانية صحيحةً، وللشافعيِّ قولٌ ثالث: أن الله تعالى يحتسبُ بأيِّهما شاء، لقولِ ابن عمرَ لمنْ سألهُ عن ذلكَ: "أو ذلكَ إليكَ؟، إنَّما ذلكَ إلى اللهِ تعالى يحتسبُ بأيِّهما شاءَ"، أخرجهُ مالكٌ (٦) في الموطأ.

وقدْ عُورضَ حديثُ البابِ بما أخرجَهُ أبو داودَ (٧)، والنسائيُّ (٨)، وغيرُهما


(١) زيادة من (أ).
(٢) في (ب): "الشافعي".
(٣) في "السنن" (١/ ٣٨٨ رقم ٥٧٧)، وهو حديث ضعيف.
(٤) زيادة من (أ).
(٥) ذكره ابن حجر في "التلخيص" (٢/ ٣٠).
(٦) في "الموطأ" (١/ ١٣٣ رقم ٩).
(٧) في "السنن" (١/ ٣٨٩ رقم ٥٧٩).
(٨) في "السنن" (٢/ ١١٤).
قلت: وأخرجه أحمد (٢/ ١٩)، والدارقطني (١/ ٤١٥ رقم ١)، والبيهقي (٢/ ٣٠٣)، وابن خزيمة (٣/ ٦٩ رقم ١٦٤١)، والطبراني في "الكبير" (١٢/ ٣٣٣ رقم ١٣٢٧٠)، وابن حبان في "الإحسان" (٦/ ١٥٥ - ١٥٦ رقم ٢٣٩٦).
وصحَّح ابن حزم الحديث في "المحلَّى" (٤/ ٢٣٢ - ٢٣٣).