للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والحديثُ دليلٌ على صحةِ صلاةِ المفترضِ (١) خلفَ المتنفِّلِ؛ فإنَّ معاذًا كانَ يصلِّي فريضةَ العشاء معهُ - صلى الله عليه وسلم -، ثمَّ يذهبُ إلى أصحابِه فيصلّيها بهمْ نفلًا. وقد أخرجَ عبدُ الرزاقِ (٢)، والشافعيُّ (٣)، والطحاويُّ (٤) من حديثٍ جابرٍ بسندٍ صحيحٍ وفيهِ: "هي لهُ تطوعٌ". وقد طولَ المصنفُ الكلامَ على الاستدلالِ بالحديثِ [على ذلك] (٥) في فتح الباري. وقد كتبْنا فيهِ رسالةً مستقلةً جوابَ سؤالٍ، وأبنَّا فيها عدمَ نهوضِ الحديثِ على صحةِ صلاةِ المفترضِ خلفَ المتنفلِ (٦).

والحديثُ أفادَ أنهُ يخففُ الإمامُ [في] (٧) قراءتهِ وصلاتهِ، وقد عيَّنَ - صلى الله عليه وسلم - مقدارَ القراءةِ، ويأتي حديثُ: "إذا أمَّ أحدكُم الناسَ فليخفِّفْ" (٨).


(١) هنا لفظة "من" زائدة من (أ).
(٢) عزاه إليه ابن حجر في "فتح الباري" (٢/ ١٩٥).
(٣) في "بدائع المنن" (١/ ١٤٣ رقم ٤١٢).
(٤) في "شرح معاني الآثار" (١/ ٤٠٩).
قلت: وأخرجه الدارقطني في "السنن" (١/ ٢٧٤ رقم ١) وهو حديث صحيح، رجاله رجال الصحيح وقد صرّح ابن جريج في رواية عبد الرزاق بسماعه فيه فانتفت تهمة تدليسه، فقول ابن الجوزي إنه لا يصح مردود، وتعليل الطحاوي له بأن ابن عيينة ساقه عن عمرو أتمّ من سياق ابن جريج ولم يذكر هذه الزيادة ليس بقادح في صحته؛ لأن ابن جريج أسنّ وأجلّ من ابن عيينة وأقدم أخذًا عن عمرو منه، ولو لم يكن كذلك فهي زيادة من ثقة حافظ ليست منافية لرواية من هو أحفظ منه ولا أكثر عددًا، فلا معنى للتوقف في الحكم بصحتها.
وأما ردّ الطحاوي لها باحتمال أن تكون مدرجة فجوابه أن الأصل عدم الإدراج حتى يثبت التفصيل، فمهما كان مضمومًا إلى الحديث فهو منه ولا سيما إذا روي من وجهين، والأمر هنا كذلك، فإن الشافعي أخرجها من وجه آخر عن جابر متابعًا لعمرو بن دينار عنه. وقول الطحاوي هو ظنّ من جابر مردود لأن جابرًا كان ممّن يصلّي مع معاذ فهو محمول على أنه سمع ذلك منه ولا يظن بجابر أنه يخبر عن شخص بأمر غير مشاهد إلّا بأن يكون ذلك الشخص أطلعه عليه. قاله ابن حجر في "الفتح" (٢/ ١٩٦).
(٥) زيادة من (ب).
(٦) وعنوان الرسالة: "جواب سؤال في صحة صلاة المفترض خلف المتنفل والمختلفين فرضًا"، بتحقيقنا.
(٧) في (أ): "من".
(٨) رقم (١٢/ ٣٨١).