للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ووُجِّهَ بأنَّ الإمامة مظنّةُ الاجتماع [فاعتبرتْ] (١) في موقفِ المأموم حتَّى يظهرَ خلافُ ذلكَ. قيلَ: ويدلُّ على صحةِ صلاةِ مَنْ قامَ عن يسارِ الامامِ؛ لأَنهُ - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرِ ابنَ عباسٍ بالإعادةِ، وفيهِ أنهُ لا يجوزُ أنهُ لم يأمرْهُ، لأنهُ معذورٌ بجهلهِ، أو بأنهُ ما كانَ قد أحرمَ بالصلاةِ، ثمَّ قولُه: "فجعلني عن يمينهِ" ظاهرٌ في أنهُ قامَ مساويًا لهُ، وفي بعضِ ألفاظهِ: "فقمتُ إلى جنبهِ"، وعن بعضِ أصحابِ الشافعي أنهُ يستحبُّ أنْ يقفَ المأمومُ دونَه قليلًا (٢)، إلَّا أنّهُ قد أخرجَ ابنُ جريجٍ قالَ: "قُلْنَا لعطاءٍ: الرجلُ يصلِّي معَ الرجلِ أينَ يكونُ منهُ؟ قالَ: إلى شقِّهِ، قلتُ: أيحاذيهِ حتَّى يصفَّ معهُ لا يفوتُ أحدُهما الآخرَ، قالَ: نعمْ. قلتُ: بحيثُ أنْ لا يبعدَ حتَّى يكونَ بينَهما فرجةٌ، قالَ: نعمْ"، ومثلُه في الموطأ (٣) عن عمرَ منْ حديثٍ ابن مسعودٍ أنهُ صفَّ معهُ فقرَّبَهُ حتَّى جعلَه حذاءَه عن يمينِهِ.

١٩/ ٣٨٨ - وَعَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقُمْتُ وَيَتِيمٌ خَلْفَهُ، وَأُمُّ سُلَيْمٍ خَلْفَنَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (٤)، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ (٥). [صحيح]

(وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: صلَّى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فقمتُ ويتيمٌ خلفَهُ)، فيهِ العطفُ على المرفوعِ المتصلِ من دونِ تأكيدٍ ولا فصلٍ (٦)، وهوَ صحيحٌ على مذهبِ الكوفيينَ، واسمُ اليتيمِ ضميرةُ وهو جدُّ حسينِ بن عبدِ الله بن ضميرةَ، (وأمُّ سليمٍ) هيَ أُمُّ أنس [بن مالكٍ] (٧) واسمُها: مُلَيْكَةُ مصغَّرًا (خلْفَنَا. متفقٌ عليهِ واللفظُ للبخاريِّ).

دلَّ الحديثُ على صحةِ الجماعةِ في النفلِ، وعلى صحةِ الصلاةِ للتعليم والتبرّك كما تدلُّ عليهِ القصة، وعلى أن مقامَ الاثنينِ خلفَ الإمامِ، وعلى أن الصغيرَ يعتدُّ بوقوفه ويسدُّ الجناحَ، [وهو] (٨) الظاهر من لفظ اليتيم؛ إذ لا يُتْمَ بعدَ


(١) في (أ): "واعتبرت".
(٢) ذكر ذلك النووي في "المجموع" (٤/ ٢٩٢) بدون دليل.
(٣) (١/ ١٥٤ رقم ٣٢) بإسناد صحيح. من حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة.
(٤) البخاري (٨٦٠)، ومسلم (٦٥٨).
قلت: وأخرجه أبو داود (٦١٢)، والترمذي (٢٣٤)، والنسائي (٢/ ٨٥) وغيرهم.
(٥) (٢/ ٣٥١ رقم ٨٧١).
(٦) في نسخة: "قمت أنا … إلخ".
(٧) زيادة من (ب).
(٨) في (أ): "فهو".