للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جابرٍ: "إنَّ بكلِّ خطوةٍ يخطوهَا [المصلّي] (١) إلى الصلاةِ درجةً"، وعندَ أبي داودَ (٢) مرفوعًا: "إذا توضأ أحدُكم فأحسنَ الوضوءَ، ثمَّ خرجَ إلى المسجدِ لمْ يرفعْ قدمَهُ اليمنى إلَّا كتبَ اللهُ لهُ حسنةً، ولم يضعْ قدمَهُ اليُسرى إلَّا حطَّ اللهُ عنهُ سيئةً، فإذا أتى المسجدَ فصلَّى في جماعةٍ غفرَ لهُ، فإن جاءَ وقد صلُّوا بعضًا وبقي بعضٌ، فصلَّى ما أدركَ وأتمَّ ما بقيَ كانَ كذلكَ، وإنْ أتَى المسجدَ وقد صلُّوا كانَ كذلكَ".

وقولُهُ: "فما أدركتم فصلُّوا" جوابُ شرطٍ محذوفٍ، أي: إذا فعلتم ما أُمرتمْ به من ترك الإسراعِ ونحوه فما أدركتم فصَلُّوا، وفيهِ دلالةٌ على أن فضيلةَ الجماعةِ يدركُها ولو دخلَ معَ الإمام في أي جزءٍ من أجزاءِ الصلاةِ، ولو دونَ ركعةٍ، وهوَ قولُ الجمهورِ، وذهبَ آخَرونَ إلى أنهُ لا يصيرُ مدركًا لها إلَّا بإدراكِ ركعةٍ لقولِهِ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ أدركَ ركعةً منَ الصلاةِ فقد أدركَها". وسيأتي في الجمعةِ (٣) اشتراطُ إدراكِ ركعةٍ، ويقاسُ عليها غيرُها، وأجيبَ بأنَّ ذلكَ في الأوقاتِ لا في الجماعة، وبأنَّ الجمعةَ مخصوصةٌ فلا يقاسُ عليها، واستدلَّ بحديثِ البابِ على صحةِ الدخولِ معَ الإمامِ في أي حالةِ أدركهُ عليها. وقد أخرجَ ابنُ أبي شيبةَ (٤) مرفوعًا: "مَن وجدني راكعًا أو قائمًا أو ساجدًا فليكنْ معي على حالتي التي أنا عليها".

قلتُ: وليسَ فيهِ دلالةٌ على اعتدادِه بما أدركهُ معَ الإمام، ولا على إحرامهِ في أي حالةٍ أدركهُ عليها، بل فيهِ الأمرُ بالكونِ معهُ، وقد أَخرجَ الطبرانيُّ في الكبيرِ (٥) برجالٍ موثقينَ - كما قالَ الهيثميُّ (٦) - عن عليٍّ وابنِ مسعودٍ قالا: "مَنْ لم يدركِ الركعةَ فلا يَعْتَدَّ بالسجدةِ"، وأخرجَ أيضًا في الكبيرِ (٧) - قالَ الهيثميُّ (٨)


(١) زيادة من (أ).
(٢) في "السنن" (١/ ٣٨٠ رقم ٥٦٣)، وهو حديث صحيح.
(٣) رقم الحديث (٥/ ٤١٨).
(٤) في "المصنف" (١/ ٢٥٣) عن رجل من أهل المدينة.
وذكره الحافظ في "الفتح" (٢/ ١١٨).
(٥) كما في "مجمع الزوائد" (٢/ ٧٦).
(٦) في "مجمع الزوائد" (٢/ ٧٦).
(٧) كما في "المجمع" (٢/ ٧٧).
(٨) في "المجمع" (٢/ ٧٧).