للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٨/ ٤٠٦ - وَلَهُ (١) عَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه -: أَقَامَ بِتَبُوكَ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ. وَرُوَاتُهُ ثِقَاتٌ، إِلَّا أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي وَصْلِهِ. [صحيح]

(عن جابرٍ أقامَ) أي: النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - (بتبوكَ عشرينَ يومًا يقصرُ الصلاةَ. ورواتهُ ثقاتٌ إلَّا أنهُ اختُلفَ في وصلهِ)؛ فوصلَه معمَرُ عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن محمدِ بن عبدِ الرحمنِ، عن ثوبانَ، عن جابرٍ، قالَ أبو داودَ: غيرُ معمر لا يسندُه، وأعلهُ الدارقطنيُّ في العلل بالإرسالِ والانقطاعِ (٢)، قالَ المصنفُ رحمه الله: وقد أخرجَهُ البيهقي (٣) عن جابر بلفظِ: "بضعَ عشرةَ"، واعلمْ أن أبا داودَ ترجمَ لباب (٤) هذهِ الأحاديثِ (بابُ متَى يُتِمُّ المسافرُ)، ثمَّ ساقَها وفيها كلامُ ابن عباسٍ (٥): "مَنْ أقامَ سبعةَ عشرَ قَصَرَ، ومَنْ أقامَ أكثرَ أتمَّ".

وقدِ اختلفَ العلماءُ في قدرِ مدةِ الإقامةِ التي إذا عزمَ المسافرُ على إقامتِها أتمَّ فيها الصلاةَ على أقوالٍ: فقالَ ابنُ عباسٍ: وإليهِ ذهبَ الهادويةُ أن أقلَّ مدةِ الإقامةِ عشرةُ أيامٍ لقولِ عليٍّ عليه السلام: "إذا أقمت عشرًا فأتمَّ الصلاةَ"، أخرجهُ المؤيدُ باللَّهِ في شرحِ التجريدِ (٦) من طرقٍ فيها ضِرارُ بنُ صُرَدٍ، قالَ المصنفُ في التقريبِ (٧): إنهُ غيرُ ثقةٍ، قال: وهوَ توقيفٌ، وقالتِ الحنفيةُ (٨): خمسةَ عشرَ يومًا مستدلينَ بإحدَى رواياتِ ابن عباسٍ وبقولهِ وقولِ ابن عمرَ: "إذا قدمتَ بلدةَ وأنتَ مسافرٌ وفي نفسكَ أن تقيمَ خمسَ عشرةَ ليلةً فأكملِ الصلاةَ"، وذهبتِ المالكيةُ (٩) والشافعيةُ (١٠) إلى أن أقلَّها أربعةُ أيامٍ، وهوَ مرويٌّ عن عثمانَ، والمرادُ غيرُ يومي الدخولِ والخروجِ، واستدلُّوا بمنعهِ - صلى الله عليه وسلم - المهاجرينَ بعدَ مضيّ النُّسُكِ أنْ يزيدُوا


(١) أي: لأبي داود في "السنن" (١٢٣٥) وهو حديث صحيح، صحَّحه ابن حزم والنووي والظفاري كما في "الروض النضير" (٢/ ٣٦١)، وانظر: "نصب الراية" (٢/ ١٨٦).
(٢) ذكره ابن حجر في "التلخيص" (٢/ ٤٥).
(٣) في "السنن الكبرى" (٣/ ١٥٢).
(٤) في "السنن" (٢/ ٢٣ رقم الباب ٢٧٩).
(٥) أخرجه أبو داود (١٢٣٠)، وهو حديث صحيح.
(٦) كما في "الروض النضير" (٢/ ٣٦٠).
(٧) (١/ ٣٧٤ رقم ٢١).
(٨) انظر: "الهداية شرح بداية المبتدي" للمرغيناني (١/ ٨١).
(٩) انظر: "قوانين الأحكام الشرعية" لابن جُزي (ص ١٠٠).
(١٠) انظر: "مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج" للخطيب الشربيني (١/ ٢٦٥).