للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ستَّ [درج] (١) من أسفلهِ، ولهُ قصةٌ في زيادتهِ - وهي أن معاويةَ كتبَ إليهِ أنْ يحملَه إلى دمشقَ، فأمرَ بهِ فقلعَ فأظلمتِ المدينةُ، فخرجَ مروانُ فخطبَ فقالَ: إنَّما أمرني أميرُ المؤمنينَ أنْ [أرفعه ففعل ذلك] (٢)، وقالَ: إنَّما زدتُ عليهِ لما كثرَ الناسُ، ولم يزلْ كذلكَ حتَّى احترقَ المسجدُ النبويُّ سنة أربعٍ وخمسينَ وستمائةَ فاحترقَ.

(لينتهينَّ أقوامٌ عن وَدْعِهِمُ) بفتحهِ الواوِ، وسكونِ الدالِ المهملةِ، وكسرِ العينِ المهملةِ، أي: تركهم (الجمعاتِ أو ليختمنَّ اللَّهُ على قلوبهمْ) الختمُ: الاستيثاقُ منَ الشيءِ بضربِ الخاتمِ عليهِ كتمًا لهُ وتغطيةً لِئَلَّا يُتوصلُ إليهِ ولا يُطلعُ عليهِ، شبهتِ القلوبُ بسببِ إعراضِهم عن الحقِّ واستكبارِهم عن قَبولِه، وعدمِ نفوذِ الحقِّ إليها بالأشياءِ التي استُوثِقَ عليها بالختمِ، فلا ينفذ إلى باطنِها شيءٌ، وهذهِ عقوبةٌ على عدمِ الامتثالِ لأمرِ اللَّهِ، وعدمِ إتيانِ الجمعةِ من بابِ تيسيرِ العُسْرى (ثمَّ ليكوننَّ من الغافلين. رواه مسلمٌ) بعد ختمهِ تعالى على قلوبِهمْ فيغفلونَ عن اكتسابِ ما ينفعُهم منَ الأعمالِ وعن تركِ ما يضرُّهمْ منها.

وهذا الحديثُ من أعظمِ الزواجرِ عن تركِ الجمعةِ والتساهلِ فيها، وفيهِ إخبارٌ بأنَّ تركَها مِن أعظمِ أسبابِ الخذلان، [ولقد عرفنا من يتساهل بالجمعة


= يُصلِّي إلى جِذْعٍ إذْ كانَ المسجدُ عريشًا. وكانَ يخطُبُ إلى ذلكَ الجِذْعِ، فقالَ رجلٌ من أصحابهِ: هل لكَ أن نجعَلَ لكَ شيئًا تقومُ عليه يومَ الجمعةِ حتى يراكَ الناسُ وتُسْمِعُهم خُطبتَكَ؟ قال: نعم. فصنعَ له ثلاثَ درجاتٍ، فهي التي أعلَى المنبرِ، فلما وُضِعَ المنبرُ وضعُوهُ في موضعِهِ الذي هو فيه، فلما أرادَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أن يقومَ إلى المنبر مرَّ إلى الجذع الذي كان يخطُب إليه، فلما جاوزَ الجذع خارَ حتى تصدَّعَ وانشقَّ فنزلَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لما سمِعَ صوتَ الجذع، فمسحَهُ بيده حتى سكن، ثم رجعَ إلى المنبر، فكان إذا صلَّى صلّى إليه، فلما هُدِمَ المسجدُ وغيِّرَ أخذَ ذلك الجذع أُبيُّ بنُ كعب، وكان عندَهُ في بيته حتى بلى، فأكلتْهُ الأرضةُ وعادَ رُفاتًا".
قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" (١/ ٤٥٧ رقم ٤٩٩/ ١٤١٤): "هذا إسناد حسن، رواه أبو يعلى الموصلي في مسند … "، وصحح الألباني الحديث في صحيح ابن ماجه، والله أعلم.
ولمزيد المعرفة انظر: "شمائل الرسول - صلى الله عليه وسلم -" لابن كثير (ص ٢٣٩ - ٢٥١)، و"الصحيحة" للألباني رقم (٢١٧٤).
(١) في (أ): "درجات".
(٢) في (ب): "أرفعه".