للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعن جابرِ بن عبدِ الله، عند أبي داودَ والنسائي: أنَّها ما بينَ صلاةِ العصرِ [و] (١) غروبِ الشمس) فقولُه: "أنَّها" بفتحِ الهمزةِ مبتدأٌ خبرُه ما تقدمَ من قولهِ: "وفي حديثِ عبدِ اللَّهِ بن سلامٍ: إلى آخرهِ"، ورجَّحَ أحمدُ بنُ حنبلٍ هذا القولَ. رواهُ عنهُ الترمذيُّ (٢)، وقالَ أحمدُ: أكثرُ الأحاديثِ على ذلكَ، وقالَ ابنُ عبدَ البرِّ: هوَ أثبتُ شيءٍ في هذا البابِ، روى سعيدُ بنُ منصورٍ بإسنادٍ صحيحٍ إلى أبي سلمةَ بن عبدِ الرحمن: "أن ناسًا منَ الصحابةِ اجتمعُوا فتذاكرُوا ساعةَ الجمعةِ، ثمَّ افترقُوا ولم يختلفُوا أنَّها آخرُ ساعةٍ من يومِ الجمعةِ". ورجَّحهُ إسحاقُ وغيرهُ، وحكى أنهُ نصٌّ للشافعي.

وقدِ استشكلَ هذا فإنهُ ترجيحٌ لغيرِ ما في الصحيحِ على ما فيهِ، والمعروفُ من علومِ الحديثِ وغيرِها أن ما في الصحيحينِ، أوْ [في] (٣) أحدِهما مقدَّم على غيرِه، والجوابُ أن ذلكَ حيثُ لم يكنْ حديثُ الصحيحينِ أوْ أحدِهما مما انتقدَهُ الحفاط، كحديثِ أبي موسى هذَا الذي في مسلمٍ (٤)؛ فإنهُ قد أُعِلَّ بالانقطاعِ والاضطرابِ: أمَّا الأولُ: فلأنهُ من روايةِ مخرمةَ بن بكيرٍ، وقد صرَّحَ أنهُ لم يسمعْ من أبيهِ، فليسَ على شرطِ مسلمٍ. وأمّا الثاني: فلأنَّ أهلَ الكوفةِ أخرجوهُ عن أبي بردةَ غير مرفوعٍ، وأبو بردةَ كوفيٌّ، وأهلُ [بلدتهِ] (٥) أعلمُ بحديثهِ من بكيرٍ، فلوْ كانَ مرفوعًا عندَ أبي بردةَ لم يقفوهُ عليهِ، ولهذا جزمَ الدارقطنيُّ بأنَّ الموقوفَ هو الصوابُ.

وجمعَ ابنُ القيمِ (٦) بينَ حديثِ أبي موسى وابنِ سلامٍ بانَّ الساعةَ تنحصرُ في أحدِ الوقتينِ، وسبقهُ إلى هذا أحمدُ بنُ حنبلٍ.

(وقد اختُلِفَ فيها على أكثر منْ أربعينَ قولًا أمليتُها في شرحِ البخاريِّ). تقدَّمتِ الإشارةُ إلى هذا، قالَ الخطابيُّ: اختُلِفَ فيها على قولينِ. فقيلَ: "قد


= تحبِسُهُ، لا يمنعُهُ أن ينقلبَ إلى أهلهِ إلا الصَّلاةُ"، ولم أعثر عليه بلفظ الكتاب.
(١) في (أ): "إلى".
(٢) في "السنن" (٢/ ٣٦١).
(٣) زيادة من (ب).
(٤) تقدم رقم (٢٠/ ٤٣٣).
(٥) في (أ): "بلده".
(٦) في "زاد المعاد" (١/ ٣٩٤).