للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عنها غسل الميتِ؛ لأنَّها شهدتْ غسلَ بنتِ رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؛ فحكتْ ذلكَ وأتقنتْ، فحديثُها أصلٌ في غسل الميتِ، ويأتي حديثُها هذا في كتابِ الجنائزِ (١).

(قالت: أُمرْنا) مبنيٌّ للمجهولِ للعلم بالآمرِ [به] (٢)، وأنهُ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، وفي روايةٍ للبخاري: أَمَرنا نبيُّنا (أن نخرِجَ) أي: إلى المصلَّى (العواتقَ) البناتِ الأبكارَ البالغات والمقارباتِ للبلوغِ، (والحُيَّضَ) هوَ أعمُّ من الأول من وجهٍ، (في العيدينِ يشهدْنَ الخيرَ)، هوَ الدخولُ في فضيلةِ الصلاةِ لغيرِ الحيّضِ، (ودعوةَ المسلمينَ) تعمُّ الجميعَ (ويعتزلُ الحيَّضُ المصلَّى. متفقٌ عليهِ)، لكنَّ لفظُه عند البخاري: "أُمِرْنا أنْ نخرجَ العواتقَ ذواتِ الخدورِ"، أو قالَ: "العواتقَ وذواتِ الخدورِ، فيعتزلنْ الحيَّضُ المصلَّى"، ولفظُ مسلمٍ: "أمَرَنا، يعني النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، أنْ نخرجَ العواتقَ وذواتِ الخدورِ، وأمرَ الحيّضَ أن يعتزلن مصلَّى المسلمينَ"؛ فهذا اللفظُ الذي أتى به المصنفُ ليسَ لفظُ أحدِهما.

والحديثُ دليلٌ على وجوبِ إخراجهنَّ، وفيهِ أقوالٌ ثلاثةٌ:

(الأول): أنهُ واجبٌ، وبه قال الخلفاءُ الثلاثةُ: أَبو بكرٍ، وعمرُ، وعليٌّ، ويؤيّدُ الوجوبَ ما أخرجهُ ابنُ ماجَهْ (٣)، والبيهقيُّ (٤)، من حديثِ ابن عباسٍ: "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - كانَ يخرجُ نساءَه وبناتهِ في العيدينِ"، وهوَ ظاهرٌ في استمرارِ ذلكَ منهُ - صلى الله عليه وسلم -، وهوَ عامٌّ لمنْ كانتْ ذاتِ هيئةٍ وغيرِها، وصريحٌ في الشوابِّ، وفي العجائزِ بالأولى.

(والثاني): سنّةٌ، وحُمِلَ الأمرَ بخروجهنَّ على الندب، قالهُ جماعةٌ، وقوّاهُ الشارحُ مستدلًا بأنهُ عللَ خروجهنَّ بشهودِ الخيرِ ودعوةِ المسلمينِ. قال: ولو كانَ واجبًا لما عُلِّلَ بذلكَ، ولكانَ خروجُهنَّ لأداءِ الواجبِ عليهنَّ لامتثالِ الأمرِ.

قلت: وفيه تأملُ، فإنهُ قد يعلّلُ الواجبُ بما فيهِ منَ الفوائدِ، ولا يعلّلُ


(١) رقم (١٢/ ٥١١).
(٢) زيادة من (أ).
(٣) في "السنن" (١/ ٤١٥ رقم ١٣٠٩)، وقال البوصيري في "الزوائد" (١/ ٤٢٨ رقم ٤٦٠/ ١٣٠٩): "هذا إسناد ضعيف لتدليس حجاج بن أرطاة".
(٤) في "السنن الكبرى" (٣/ ٣٠٧).
وهو حديث ضعيف، وقد ضعَّفه الألباني في ضعيف ابن ماجه.