للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْمُصَلَّى، وَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلَاةُ، ثُمَّ يَنْصَرِفُ فَيَقُومُ مُقَابِلَ النَّاسِ - وَالنَّاسُ عَلَى صُفُوفِهِمْ - فَيَعِظُهُمْ وَيَأْمُرُهُمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (١). [صحيح]

(وعنهُ) أي: أَبي سعيدٍ (قالَ: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يخرجُ يومَ الفطرِ والأضحَى إلى المصلَّى، وأولُ شيءٍ يبدأ بهِ الصلاةُ، ثمَّ ينصرفُ فيقومُ مقابلَ الناسِ، والناسُ على صفوفِهم، فيعظُهم ويأمرُهم. متفقٌ عليهِ)، فيهِ دليل على شرعيةِ الخروجِ إلى المصلَّى، والمتبادرُ منهُ الخروجُ إلى موضع غيرِ مسجدِه - صلى الله عليه وسلم -، وهوَ كذلكَ؛ فإنَّ مصلاهُ - صلى الله عليه وسلم - محلٌّ معروفٌ بينهُ وبينَ بابِ مسجدِه ألفُ ذراع، قالهُ عمرُ بنُ شبةَ في أخبارِ المدينةِ.

وفي الحديثِ دلالةٌ على تقديمِ الصلاةِ على الخطبةِ - وتقدَّمَ - وعلى أنهُ لا نَفْلَ قَبْلَها. وفي قولهِ: " [يقومُ] (٢) مقابلَ الناسِ" دليلٌ على أنهُ لم يكنْ في مصلَّاهُ منبرٌ.

وقدْ أخرجَ ابنُ حبانَ (٣) في روايةٍ: "خطبَ يومَ عيدٍ على راحلتهِ"، وقد ذكر البخاريُّ (٤) في تمامِ روايتهِ عن أَبي سعيدٍ: "أن أولَ مَنِ اتَّخذَ المنبرَ في مصلَّى العيدِ مروانُ"، وإنْ كانَ قدْ رَوَى عمرُ بنُ شبةَ "أن أولَ مَنْ خطبَ الناسَ في المصلَّى على المنبرِ عثمانُ فعلهُ مرةً، ثمَّ تركهُ حتَّى أعادهُ مروانُ"، وكأنَّ أبا سعيدٍ لم يطلعْ على ذلكَ (٥).

وفيهِ دليلٌ على مشروعيةِ خطبةِ العيدِ، وأنَّها كخطبِ الجمع أمرٌ ووعظٌ وليسَ فيهِ أنَّها خطبتانِ كالجمعةِ، وأنهُ يقعدُ بينَهما، ولعلهُ لم يثبتْ ذلكَ من فعلهِ - صلى الله عليه وسلم -، وإنَّما صنعهُ الناسُ قياسًا على الجمعةِ.


(١) البخاري (٩٥٦)، ومسلم (٩/ ٨٨٩).
(٢) في (أ): "قام".
(٣) في "الإحسان" (٧/ ٦٥ رقم ٢٨٢٥) بإسناد صحيح على شرط مسلم، قاله الشيخ شعيب.
وهو في مسند أَبي يعلى رقم (١١٨٢)، وقال الهيثمي في "المجمع" (٢/ ٢٠٥): رواه أَبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. وأخرجه ابن خزيمة رقم (١٤٤٥) من طريق سلم بن جنادة عن وكيع بهذا الإسناد.
(٤) في الحديث رقم (٩٥٦) وقد تقدم.
(٥) سبق الكلام عنه عند شرح الحديث رقم (٦/ ٤٥٨).