للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وعن جابرٍ - رضي الله عنه - قالَ: كانَ رسولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا كانَ يوم العيد خالفَ الطريقَ. أخرجهُ البخاريُّ) يعني: أنهُ يرجعُ من مصلّاهُ من جهةٍ غير الجهةِ التي خرجَ منها إليه، وقال الترمذيُّ (١): أخذَ بهذا بعضُ أهل العلم، واستحبّهُ للإمام وبه يقولُ الشافعيُّ، انتهى. وقال بهِ أكثرُ أهلِ العلمِ، ويكون مشروعًا للإمام والمأمومِ الذي أشار إليهِ بقولهِ:

١٤/ ٤٦٦ - وَلأَبِي دَاوُدَ (٢) عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُهُ. [صحيح]

(ولأبي داودَ عن ابن عمرَ نحوُهُ)، ولفظُه في السنن عن ابن عمرَ: "أن رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أخذَ يومَ العيدِ في طريقٍ ثمَّ رجعَ في طريقٍ أُخرى"، فيهِ دليلٌ أيضًا على ما دلّ عليه حديثُ جابرٍ، واخْتُلِفَ في وجهِ الحكمةِ في ذلكَ، فقيلَ: ليسلّمَ على أهلِ الطريقينِ، وقيل: لينال بركتَهُ الفريقانِ، وقيلَ: ليقضيَ حاجةَ مَنْ لهُ حاجةٌ فيهمَا، وقيلَ: ليظهرَ شعائرَ الإسلامِ في سائرِ الفجاجِ والطرقِ، وقيلَ: ليغيظَ المنافقينَ برؤيتهِم عزّةَ الإسلامِ وأهلهِ ومقامَ شعائرهِ، وقيل: لتكثرَ شهادةُ البقاعِ، فإنَّ الذاهبَ إلى المسجدِ أو المصلَّى إحدى خطواتهِ ترفعُ درجةً والأخرى تحطُّ خطيئةً حتَّى يرجعَ إلى منزلهِ، وقيلَ: - وهوَ الأصحُّ - إنهُ لذلكَ كلِّه منَ الحِكَمِ التي لا يخلُو فعلُه عنها، وكانَ ابنُ عمرَ - رضي الله عنه -[معَ] (٣) شدّة تحرّيهِ للسنّةِ يكبّرُ من بيته إلى المصلَّى (٤).


(١) في "السنن" (٢/ ٤٢٥ - ٤٢٦).
(٢) في "السنن" (١/ ٦٨٣ رقم ١١٥٦).
قلت: وأخرجه ابن ماجه (١٢٩٩)، والحاكم (١/ ٢٩٦)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ٣٠٩)، وأحمد (٢/ ١٠٩).
وفي إسناده عبد الله بن عمر بن حفص العمري وفيه مقال. وقد أخرج له مسلم مقرونًا بأخيه عبيد الله بن عمر …
والخلاصة: أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(٣) في (أ): "من".
(٤) أخرجه الفريابي في أحكام العيدين (ص ١١١ رقم ٣٩)، والشافعي في "الأم" (١/ ٢٦٥)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ٢٧٩)، وابن أَبي شيبة في "المصنف" (٢/ ١٦٤)، والدارقطني في "السنن" (٢/ ٤٤ - ٤٥)، والحاكم في "المستدرك" (١/ ٢٩٨)، وابن المنذر في "الأوسط" (٤/ ٢٥٠ رقم ٢١٠١) بسند صحيح.