للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحديثُ دليلٌ علي شرعيةِ الجهرِ بالقراءةِ في صلاةِ الكسوفِ، والمرادُ هنا: كسوفُ الشمسِ لما أخرجهُ أحمدُ (١) بلفظِ: "خسفتِ الشمسُ"، وقالَ: "ثمَّ قرأ فجهرَ بالقراءةِ"، وقدْ أخرجَ الجهرَ أيضًا الترمذيُّ (٢)، والطحاويُّ (٣)، والدارقطنيُّ (٤)، وقد أخرجَ ابنُ خزيمةَ (٥) وغيرُه عن عليٍّ عليه السلام مرفوعًا الجهرَ بالقراءةِ في صلاةِ الكسوفِ، وفي ذلكَ أقوالٌ أربعةٌ:

الأولُ: [أنهُ] (٦) يجهرُ بالقراءةِ مطلقًا في كسوفِ الشمسِ والقمرِ لهذا الحديثِ وغيرهِ، وهو وإنْ كانَ واردًا في كسوفِ الشمسِ، فالقمرُ مثلُه لجمعهِ - صلى الله عليه وسلم - بينَهما في الحُكْمِ حيثُ قال: "فإذا رأيتموهُما، أي: كاسفتينِ، فصلُّوا وادعُوا"، والأصلُ استواءُهما في كيفيةِ الصلاةِ ونحوها، وهوَ مذهبُ أحمدَ، وإسحاقَ، وأبي حنيفةَ، وابن خزيمةَ، وابنِ المنذرِ (٧) وآخرينَ.

الثاني: يسرُّ مطلقًا لحديثِ ابن عباسٍ (٨): "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - قامَ قيامًا طويلًا نحوًا من


(١) في "الفتح الرباني" (٦/ ١٨٢ رقم ١٦٨٦) من حديث عائشة.
(٢) في "السنن" (٢/ ٤٥٢ رقم ٥٦٣) وقال: حديث حسن صحيح.
(٣) في "شرح معاني الآثار" (١/ ٣٣٣).
(٤) في "السنن" (٢/ ٦٤ رقم ٧) كلّهم من حديث عائشة.
وقال المباركفوري في "تحفة الأحوذي" (٣/ ١٤٨): "فإن قلت: روى هذا الحديث سفيان بن حسين عن الزهري وهو ثقة في غير الزهري فكيف يكون حديثه هذا بلفظ: "وجهر بالقراءة فيها" حسنًا صحيحًا؟
قلت: لم يتفرَّد هو برواية هذا الحديث بهذا اللفظ عن الزهري بل تابعه على ذلك سليمان بن كثير عند أحمد، وعقيل عند الطحاوي، وإسحاق بن راشد عند الدارقطني، قال الحافظ: وهذه طرق يعضد بعضها بعضًا يفيد مجموعها الجزم بذلك فلا معنى لتعليل من أعلّه بتضعيف سفيان بن حسين وغيره" اهـ.
وخلاصة القول: أن الحديث صحيح، والله أعلم.
(٥) وأخرجه البيهقي في "السنن الكبرى" (٣/ ٣٣٠).
(٦) في (أ): "أن".
(٧) انظر: "الأوسط" لابن المنذر (٥/ ٢٩٨)، و"فتح الباري" (٢/ ٥٥٠)، و"البدائع" (١/ ٢٨١ - ٢٨١)، و"المجموع" (٥/ ٥٢).
(٨) أخرجه البخاري (١٠٥٢)، ومسلم (١٧/ ٩٠٧)، وأبو داود (١١٨٩)، والنسائي (٣/ ١٤٦)، والبيهقي (٣/ ٣٣٥) من رواية عطاء بن يسار عنه.