للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقيلَ: مكروهٌ تنزيهًا، قالُوا: لأنهُ لبسَ - صلى الله عليه وسلم - حلّةً حمراءَ، وفي الصحيحينِ (١) عن ابن عمرَ - رضي الله عنه -: "رأيتُ رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يصبغُ بالصفرةِ"، وقد ردَّ ابنُ القيم [القولَ بأنها] (٢) حلةٌ حمراءُ بحتًا. وقالَ: إنَّ الحلةَ الحمراءَ بردانِ يمانيانِ منسوجانِ بخطوطِ حمرِ معَ الأسودِ، وهي معروفةٌ بهذا الاسمِ باعتبارِ ما فيها منَ الخطوطِ، وأمّا الأحمرُ البحتُ فمنهيٌّ عنهُ أشدَّ النهي، ففي الصحيحينِ (٣): "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - نَهى عن المياثرِ الحمرِ"، [ولكن الحديث] (٤):

٩/ ٤٩٨ - وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنه - قَالَ: رَأَى عَلَيَّ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَالَ: "أُمُّكَ أَمَرَتْكَ بِهذَا"؟ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٥). [صحيح]

وهوَ قولُه: (وعن عبدِ اللَّهِ بن عمرٍو قالَ: رأى عليَّ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ثوبينِ معصفرينِ، قالَ: أمُّك أمرتْكَ بهذا؟. رواهُ مسلمٌ)، دليل على تحريمِ المعصفرِ عاضد للنهي الأولِ، ويزيدُه قوةً في الدلالةِ تمامُ هذا الحدثِ عندَ مسلمٍ: "قلتُ: أغسلُهما يا رسولَ اللَّهِ، قالَ: بل احرقْهما". وفي روايةٍ (٦): "إنَّ هذهِ مِنْ ثيابِ الكفارِ فلا تلبسْهما". وأخرجهُ أبو داودَ (٧)، والنسائيُّ (٨).

وفي قولهِ: "أمُّكَ أمرتْكَ" إعلامٌ بأنهُ من لباسِ النساءِ وزينتهنَّ وأخلاقهِنَّ. وفيهِ حجةٌ على العقوبةِ بإتلافِ المالِ وهوَ يعارضُ حديثُ عليٍّ عليه السلام (٩). وأمْرَهُ بأنْ يشقَّها بينَ نسائِه كما في روايةٍ قدَّمناها، وأمر ابن عمرو بتحريقها، فينظرُ في وجهِ الجمعِ، إلَّا أن في سننِ أبي داودَ (١٠) عن عبدِ اللَّهِ بن عمرٍو: "أنهُ - صلى الله عليه وسلم - رأى عليهِ ريطةً مضرَّجةً بالعصفرِ، فقالَ: ما هذهِ الريطةُ التي عليكَ؟ قالَ: فعرفتُ ما كرهَ


(١) وهو جزء من حديث أخرجه البخاري (١٦٦)، ومسلم (٢٥/ ١١٨٧).
(٢) في (أ): "أنها".
(٣) البخاري (٥٨٤٩)، ومسلم (٣/ ٢٠٦٦) من حديث البراء بن عازب.
(٤) زيادة من (ب).
(٥) في "صحيحه" (٣/ ١٦٤٧ رقم ٢٨/ ٢٠٧٧).
(٦) في "صحيحه" (٣/ ١٦٤٧ رقم ٢٧/ ٢٠٧٧).
(٧) في "السنن" (٤/ ٣٣٥ رقم ٤٠٦٨).
(٨) في "السنن" (٨/ ٢٠٣ رقم ٥٣١٧).
(٩) تقدم رقم (٥/ ٤٩٤).
(١٠) في "السنن" (٤/ ٣٣٤ رقم ٤٠٦٦)، وهو حديث حسن.