للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحديثُ في مسلمٍ لهُ سببٌ وهوَ: "أن أسماءَ أرسلتْ إلى ابن عمرَ أنهُ بلغَها أنهُ يحرمُ العلَمُ في الثوبِ، فأجابَ بأنهُ سمعَ عمرَ يقولُ: سمعتُ رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ: "إنَّما يَلْبَسُ الحريرَ مَنْ لا خلاقَ لهُ"، فخفتُ أن يكونَ العلَمُ منهُ، فأخرجتْ أسماءُ الجُبَّةَ".

(وزادَ البخاريُّ في الأدبِ المفردِ) في روايةٍ أسماءَ: (وكانَ يلبسُها للوفدِ والجمعةِ). قال في شرحِ مسلمٍ للنوويِّ (١) على قولهِ مكفوفةٌ: ومعنَى المكفوفةِ، أنهُ جعلَ لهُ كُفةً بضمِّ الكافِ وهوَ ما يكفُّ بهِ جوانبُها، ويعطفُ عليها ويكونُ ذلكَ في الذيلِ، وفي الفرجينِ، وفي الكمّينِ، انتهى.

وهوَ محمولٌ على أنهُ أربعُ أصابعَ، أو دونَها، أو فوقَها إذا لم يكنْ مصمَتًا جمعًا بينَ الأدلةِ. وفيهِ جوازُ مثلَ ذلكَ من الحريرِ، وجوازُ [لبس] (٢) الجبةِ وما لهُ فرجانِ من غيرِ كراهةٍ، وفيهِ [استشفاءٌ] (٣) بآثارِه - صلى الله عليه وسلم -، وبما لامسَ جسدَه الشريفَ. كذا قيل، إلَّا أنه لا يخفَى أنه فعل (٤) صحابية لا دليل فيه.

وفي قولِها: "كانَ يلبسُها للوفدِ والجمعةِ"، دليلٌ على استحبابِ التجمّلِ بالزينة للوافدِ ونحوِه. وأمّا خياطةُ الثوبِ بالخيطِ الحريرِ ولبسهِ، وجعل خيطِ السبحةِ منَ الحريرِ وليقةِ الدواةِ، وكيسِ المصحفِ، وغشايةِ الكتبِ، فلا ينبغي القولُ بعدمِ جوازِه لعدمِ شمولِ النهيِ لهُ.

وفي اللباسِ آدابٌ منها في العمامةِ تقصيرُ العذبةِ فلا تطولُ طولًا فاحشًا، وإرسالُها بينَ الكتفينِ، ويجوزُ تركُها بالأصالةِ، وفي القميصِ تقصيرُ الكمِّ، لحديثِ أبي داودَ (٥) عن أسماءَ: "كانَ كمُّ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إلى الرسغِ"، قالَ ابنُ عبدِ السلام: وإفراطُ توسعةِ الأكمامِ والثيابِ بدعةٌ وسرفٌ. وفي المئزرِ ومثلهُ القميصُ واللباسُ أن لا يسبلَه زيادةً على نصفِ الساقِ، ويحرمُ إن جاوزَ الكعبينِ.


(١) (١٤/ ٤٤).
(٢) في (أ): "لبسه".
(٣) في (أ): "الاستشفاء".
(٤) كذا في (أ) و (ب)، والصواب "قَول".
(٥) في "السنن" (٤/ ٣١٢ رقم ٤٠٢٧).
قلت: وأخرجه الترمذي (١٧٦٥) وقال: حديث حسن غريب. وحسَّنه الشيخ عبد القادر في تحقيق "جامع الأصول" (١٠/ ٦٣٤ رقم التعليقة ٤).