للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قالَ المصنفُ (١) نقلًا عن السُّهيلي: إنَّ الروايةَ في هاذمِ بالذالِ المعجمةِ معناهُ القاطعُ، وأما بالمهملةِ فمعناهُ المزيلُ للشيءِ، وليسَ مرادًا هنَا. قالَ المصنفُ: وفي هذا النفي نظرٌ لا يخفى.

قلتُ: [يريد أنَّ] (٢) المعنَى على الدالِ المهملةِ صحيحٌ؛ فإنَّ الموتَ يزيلُ اللذاتِ كما يقطعُها ولكنَّ العمدةَ الروايةُ. والحديثُ دليل على أنهُ لا ينبغي للإنسانِ أنْ يغفلَ عن ذكرِ أعظمِ المواعظِ وهوَ الموتُ.

وقد ذكرَ في آخرِ الحديثِ فائدةً الذكرِ بقولهِ: فإنّكمْ لا تذكرونَه في كثير إلَّا قلَّلهُ، ولا قليلَ إلَّا كثَّرهُ. وفي روايةٍ للديلمي (٣) عن أبي هريرةَ: "أكثروا ذِكْرَ الموتِ، فما من عَبْدٍ أَكثر ذكرَهُ إِلا أحيى اللَّهُ قلبَه وهَوَّنَ عَلَيْهِ الموتَ"، وفي لفظٍ لابنِ حبانَ (٤)، والبيهقي في شعبِ الإيمانِ (٥): "أكثروا ذكرَ هاذمِ اللذاتِ، فإنهُ ما ذكرهُ عبدٌ قطُّ في ضيقٍ إلَّا وَسَّعَهُ، ولا في سَعَةٍ إلَّا ضَيَّقَها".

وفي حديثٍ أنسٍ عندَ ابن لالٍ في مكارمِ الأخلاقِ (٦): "أكثروا ذكرَ الموتِ، فإنَّ ذلكَ تمحيصٌ للذنوبِ، وتزهيدٌ في الدنيا". وعندَ البزارِ (٧): "أكثِرُوا هاذمَ اللذاتِ، فإنهُ ما ذكرهُ أحدٌ في ضيقٍ منَ العيشِ إلَّا وسَّعهُ عليهِ، ولا في سَعَةٍ إلَّا ضيَّقَها". وعندَ ابن أبي الدنيا (٨): "أكثِرُوا من ذكرِ الموتِ، فإنهُ [يمحقُ] (٩) الذنوبَ، ويزهدُ في الدنيا، فإنْ ذكرتُموهُ عندَ الغِنَى هدمَهُ، وإنْ ذكرتُمُوهُ عندَ الفقرِ أرضاكم بعيشِكمْ".


= بسند صحيح، وصحَّحه الضياء المقدسي في "المختارة" (١/ ٥٢١).
(١) في "التلخيص" (٢/ ١٠١).
(٢) في (أ): "إذ".
(٣) ذكره الديلمي في "الفردوس بمأثور الخطاب" (١/ ٧٤ رقم ٢١٨).
(٤) في "الإحسان" (رقم ٢٩٩٣).
(٥) (٧/ ٣٥٤ رقم ١٠٥٦٠) من حديث أبي هريرة، وهو حديث حسن.
(٦) عزاه إليه الزبيدي كما في تخريج أحاديث الإحياء (٥/ ٣١٣٤) جمع الحداد.
(٧) كما في "كشف الأستار" (٤/ ٢٤٠ رقم ٣٦٢٣) من حديث أنس.
وأورده الهيثمي في "المجمع" (١٠/ ٣٠٨) وقال: رواه البزار، والطبرانى باختصار، وإسنادهما حسن.
(٨) عزاه إليه العراقي في "تخريج أحاديث إحياء علوم الدين" (٦/ ٢٤٧٥).
وقال: رواه ابن أبي الدنيا في الموت بإسناد ضعيف جدًّا.
(٩) في (أ): "يمحو".