للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذلكَ ليقولَها فتكونَ آخرَ كلامهِ فيدخلَ الجنةَ كما سبقَ (١)، فالأمرُ في الحديثِ بالتلقينِ عام لكلِّ مسلمٍ يحضرُ مَنْ هوَ في سياقِ الموتِ، وهوَ أمرُ ندبٍ، وكرهَ العلماءُ الإكثارَ عليهِ والموالاةَ لئلّا يضجرَ، ويضيقَ حالُه، ويشتدَّ كربُه فيكرهُ ذلكَ بقلبهِ، ويتكلّمُ بما لا يليقُ.

قالُوا: [فإذا] (٢) تكلَّمَ مرةً فيعادُ عليهِ العرضُ ليكونَ آخرَ كلامهِ، وكأنَّ المرادَ بقولِ: لا إلهَ إلَّا اللَّهُ، أي: وقولِ محمدٌ رسولُ الله، فإنَّها لا تُقْبَلُ إحداهُما إلَّا بالأُخرى، كما علمَ.

والمرادُ بموتاكمْ موتَى المسلمينَ. وأمّا موتَى غيرِهم فيعرضُ عليهمُ الإسلام [كما عرضهُ - صلى الله عليه وسلم - على عمِّهِ عندَ السياقِ (٣)، وعلى الذميِّ الذي كانَ يخدمه فعادَهُ وعرضَ عليهِ الإسلامَ (٤) فأسلم] (٥)، وكأنهُ خصَّ في الحديثِ موتَى أهلِ الإسلامِ، لأنَّهُم الذينَ يقبلونَ ذلكَ، ولأنَّ حضورَ أهلِ الإسلامِ عندَهم هوَ الأغلبُ بخلافٍ الكفارِ، فالغالبُ أنهُ لا يحضرُ [موتاهم] (٦) إلَّا الكفارُ.

(فائدةٌ): يحسنُ أنْ يذكَّرَ المريضُ بسعةِ رحمةِ اللَّهِ ولطفهِ وبرّهِ، فيحسنُ ظنَّهُ بربِّهِ لما أخرجهُ مسلمٌ (٧) من حديثٍ جابرٍ: سمعتُ رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يقولُ قبلَ موتهِ: "لا يموتنَّ أحدُكم إلَّا وهوَ يحسنُ الظنَّ باللَّهِ". وفي الصحيحينِ (٨) مرفوعًا من حديثٍ أبي هريرةَ قالَ: "قالَ الله: أنا عندَ ظنِّ عبدي بي". ورَوَى ابنُ أبي الدُّنيا (٩) عن إبراهيمَ، قالَ: "كانُوا يستحبونَ أنْ يلقِّنوا العبدَ محاسنَ عملهِ عندَ موتهِ لكي يحسنَ ظنَّهُ بربِّهِ".


(١) بشرط أن يكون خالصًا بها قلبه وعاملًا بمقتضاها من التوحيد كما دلَّت عليه النصوص.
(٢) في (ب): "وإذا".
(٣) أخرجه البخاري (٤٦٧٥)، ومسلم (١/ ٥٤ رقم ٣٩/ ٢٤) عن المسيّب.
(٤) أخرجه البخاري (رقم ١٢٩٠ - البغا) من حديث أنس.
(٥) زيادة من (ب).
(٦) في (أ): "موتهم".
(٧) في "صحيحه" (٤/ ٢٢٠٥ رقم ٢٨٧٧).
قلت: وأخرجه أبو داود (٣١١٣)، وابن ماجه (٤١٦٧).
(٨) البجاري (٧٤٠٥)، ومسلم (٢/ ٢٦٧٥).
(٩) في كتاب "المحتضَرين" كما في "التلخيص" (٢/ ١٠٤).