للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنها خالصةٌ لله سبحانه وتعالى، ولا تَلْتبس بغيرها من الأعمال، أمَّا مَنْ نَذَرَ - مثلًا - أن يقرأ القرآنَ، فإنَّه حِينَئذٍ لا بد أن ينوي؛ وذلك حتى يفرقَ بين القراءة الواجبة بالنَّذر والقراءة غير الواجبة، فهاهنا تتعيَّن النية.

* عبادات قَدْ تَلْتبس بغيرها: فَتَأْتِي النيَّة لتُحدِّد الغرض الَّذي قَامَ الفعل لأجلِهِ، والعلماء على أنَّ هناك سببين لمشروعيَّة النية:

السَّبب الأول: تَمْييز العبادات عن العَادات (١).

فَمِنَ العبادَات ما يَلْتبس بغير العبادة صورةً وشكلًا، كالوُضُوء مثلًا، والأصلُ في الوضوء والطهارة أنه عبادةٌ، لَكن الإنسان قد يتوضَّأ بقَصْد التبرُّد أو النَّظافة، وكذلك الصَّوم، فقَدْ يصوم الإنسان تَعَبُّدًا، وقَدْ يصوم حميةً، وقَدْ يَدْفع الإنسانُ لإنسانٍ آخَرَ مبلغًا من المال بنِيَّةِ الصَّدقة الواجبَة الَّتي هي الزَّكاة، امتثالًا لقَوْل الله تَعالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: ١٠٣]، وقَوْله تعالى: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [التوبة: ٦٠]، وقَدْ يَدْفعها إليه تَطَوُّعًا كَمَا في حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام: " والصَّدقة برهان" (٢)، وقَدْ يدفعها هبةً أو قرضًا، وقد يقصد به غرضًا دُنْيَوِيًّا مذمومًا، وَفِي كلِّ هذه الحالات قَدْ تَلتبس العبادة بغيرها، فالنيَّة هاهنا هي الموكَّلة بتحديد الغرض من هذا العمل فيما إذا كان المكلَّف قام به على سبيل العادة أم العبادة.


= لثوابه، والتوكُّل عليه، والمحبة لجماله، وكالتسبيح، والتهليل، وقراءة القرآن، وَسَائر الأذكار، فإنها متميزة لجنابه سبحانه وتعالى ".
(١) مذهب الحنفية، يُنظر: " الأشباه والنظائر " لابن نجيم (ص ٢٥) حيث قال: " المقصود منها تمييز العبادات من العادات ".
مذهب المالكية، يُنظر: " مواهب الجليل " للحطاب (١/ ٢٣٢) حيث قال: " في حِكْمَةِ مشروعيَّتها، وَحكمَة ذلك - وَاللهُ تَعالَى أَعْلَم - تمييز العبادات عن العادات ليتميَّز ما هو لله تعالى عمَّا ليس له ".
ومذهب الشافعية، يُنظر: " مغني المحتاج " للخطيب الشربيني (١/ ٣٤١)، حَيْثُ قَالَ: " لأنَّ المقصودَ منها شيئان: تمييز العبادات عن العادات ".
(٢) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>