للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (لَا تَثْبُتُ للْمُدَّعِي بِاليَمِينِ دَعْوَى سَوَاءٌ أَكَانَتْ فِي إِسْقَاطِ حَقِّ عَنْ نَفْسِهِ قَدْ ثَبَتَ عَلَيْهِ، أَوْ إِثْبَاتِ حَقٍّ أَنْكَرَهُ فِيهِ خَصْمُهُ، وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ تَرَدُّدُهُمْ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " البَيِّنَةُ عَلَى مَنِ ادَّعَى، وَاليَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ") (١).

واللفظ المعروف في الصحيحين: " البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه " (٢).

وعند البيهقي: "البينة على المدعي، واليمين على من أنكر" (٣)، والمعنى واحد، لكن لفظ الصحيحين: " البينة على المدعي، واليمين على المدعى عليه "، والدعوى لا تقوم إلا على ركنين: مدعٍ ومدعى عليه، ولو أن المدعى عليه أقر لانتهى الأمر، لكنه ينكر ذلك، هذا يقول: لي حق عندك؛ وهذا يقول: غير صحيح، لا شيء لك عندي، أو حقك أعطيتك إياه، وانتهى الأمر.

قوله: (هَلْ ذَلِكَ عَامٌّ فِي كُلِّ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَمُدَّعٍ؟ أَمْ إِنَّمَا خُصَّ المُدَّعِي بِالبَيِّنَةِ، وَالمُدَّعَى عَلَيْهِ بِاليَمِينِ؛ لِأَنَّ المُدَّعِيَ فِي الأَكثَرِ هُوَ أَضْعَفُ شُبْهَةً مِنَ المُدَّعَى عَلَيْهِ وَالمُدَّعِي بِخِلَافِهِ؟).

لأن الأصل في المدعى عليه البراءة حتى تثبت الحجة عليه، ولذلك


(١) يُنظر: "جامع العلوم والحكم" لابن رجب (٢/ ٢٣١)؛ حيث قال: "وقد اختلف الفقهاء في هذا الباب على قولين؛ أحدهما: أن البينة على المدعي أبدًا، واليمين على المدعى عليه أبدًا، وهو قول أبي حنيفة، ووافقه طائفة من الفقهاء والمحدثين كالبخاري، وطردوا ذلك في كل دعوى". إلى أن قال: "القول الثاني في المسألة: أنه يرجح جانب أقوى المتداعيين، وتجعل اليمين في جانبه، هذا مذهب مالك، وكذا ذكر القاضي أبو يعلى في خلافه أنه مذهب أحمد".
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>