للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُدَّعِي أَقْوَى، يَكُونُ القَوْلُ قَوْلَهُ) (١).

هذا الذي قلنا فيه إن مالكًا عكس القضية، وكذلك المالكية.

قوله: (وَاحْتَجَّ هَؤُلاءِ بِالمَوَاضِعِ الَّتِي اتَّفَقَ الجُمْهُورُ فِيهَا عَلَى أَنَّ القَوْلَ فِيهَا قَوْلُ المُدَّعِي مَعَ يَمِينِهِ، مِثْلَ دَعْوَى التَّلَفِ فِي الوَدِيعَةِ (٢)، وَغَيْرِ ذَلِكَ إِنْ وُجِدَ شَيْءٌ بِهَذه الصِّفَةِ، وَلِأُولَئِكَ أَنْ يَقُولُوا: الأَصْلُ مَا ذَكَرْنَا إِلَّا مَا خَصَّصَهُ الِاتِّفَاقُ. وَكُلُّهُمْ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ اليَمِينَ الَّتِي تُسْقِطُ الدَّعْوَى أَوْ تُثْبِتُهَا هِيَ اليَمِينُ بِاللَّهِ).

هي اليمين بالله، أما اليمين بغير الله فلا تجوز: "من حلف بغير الله، فقد كفر أو أشرك" (٣).

ولذلك أُثر عن أحد الصحابة قوله: " لأن أحلف بالله كاذبًا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقًا " (٤).


(١) يُنظر: "المعونة على مذهب عالم المدينة" للقاضي عبد الوهاب (ص ١٥٦٩)؛ حيث قال: "وإنما قلنا: إن كان في يد أحدهما كان أولى من المدعي الذي لا بينة له مع يمينه؛ لأن اليد ظاهرها يدل على الملك، فقد حصل أقوى سبب من المدعي، فكانت البينة على الخارج، وإنما كانت اليمين على صاحب اليد؛ لأنه مدعى عليه ".
يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٨/ ٣٣٩)؛ حيث قال: " (والأظهر أن المدعي) ويعتبر فيه كونه معينًا معصومًا مكلفًا أو سكران، ولو محجورًا عليه بسفه، فيقول: ووليي يستحق تسلمه (من يخالف قوله الظاهر)، وهو براءة الذمة (والمدعى عليه) المتصف بما مر (من يوافقه)، ولذلك جعلت البينة على المدعي؛ لأنها أقوى من اليمين التي جعلت على المنكر؛ لينجبر ضعف جانب المدعي بقوة حجته، وضعف حجة المنكر بقوة جانبه ".
(٢) الوديعة: ما تستودعه غيرك ليحفظه. انظر: "العين" للفراهيدي (٢/ ٢٢٤).
(٣) أخرجه الترمذي (١٦٣٣)، وصححه الألباني في "صحيح سنن الترمذي" (١٥٣٥).
(٤) أخرجه عبد الرزاق في "المصنف" (٨/ ٤٦٨) وغيره، عن وبرة قال: "قال عبد الله - لا أدري ابن مسعود أو ابن عمر: لأن أحلف بالله كاذبًا أحب إليَّ من أن أحلف بغيره صادقًا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>