للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُخطب فيه يوم لجمعة، ثم يأتي هذا الإنسان فيقف على هذا المنبر؛ ليحلف يمينًا بالله وهو كاذب؟!

قوله: (وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِهِ مِنَ المَسَاجِدِ (١)، فَفِي ذَلِكَ رِوَايَتَان، إِحْدَاهُمَا: حَيْثُ اتَّفَقَ مِنَ المَسْجِدِ، وَالأُخْرَى عِنْدَ المِنْبَرِ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ القَاسِمِ أَنَّهُ يَحْلِفُ فِيمَا لَهُ بَالٌ فِي الجَامِع، وَلَمْ يُحَدِّدْ. وَقَالَ الشَّافِعِيُّ (٢): يَحْلِفُ فِي المَدِينَةِ عِنْدَ المِنْبَرِ، وَفِي مَكَّةَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ، وَكَذَلِكَ عِنْدَهُ فِي كلِّ بَلَدٍ يَحْلِفُ عِنْدَ المِنْبَرِ).

تعلمون أن تلكم أماكن تضاعف فيها الحسنات، فصلاة في البيت الحرام تساوي مائة ألف صلاة، وفي مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تعدل ألف صلاة إلا في البيت الحرام، وصلاة في المسجد الأقصى تبلغ خمسمائة صلاة (٣)، وهذه كلها بينها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبين فضلها، فقال العلماء: " إن السيئات تضاعف هناك "؛ ففرق بين إنسان يرتكب معصية خارج مكة، خارج البلد الحرام، وبين آخر يرتكبها في ذلك المكان، وقد تكلم العلماء عن ذلك وبينوا خطورته (٤).


(١) يُنظر: "المنتقى شرح الموطأ" للباجي (٥/ ٢٣٤)؛ حيث قال: "وقد روى ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون يستحلفون فيما له بال أو في ربع دينار في (المدونة) عند منبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبغيرها في مسجدهم الأعظم؛ حيث يعظمون منه عند منبرهم، أو تلقاء قبلتهم ".
(٢) يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٧/ ١١٧)؛ حيث قال: " (فَبِمَكَّةَ) يكون اللعان (بين الركن) الذي فيه الحجر الأسود (والمقام)، أي: مقام سيدنا إبراهيم ".
" (و) في (المدينة) يكون (عند المنبر) ".
" (و) في (غيرها)، أي: الأماكن الثلاثة يكون (عند منبر الجامع)، أي: عليه؛ لأنه أشرفه ".
(٣) أخرجه البيهقي في "شعب الإيمان" (٦/ ٣٩) وغيره: عن أبي الدرداء عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف صلاة، وفي مسجدي ألف صلاة، وفي مسجد بيت المقدس خمسمائة صلاة ". وضعفه الألباني في "إرواء الغليل" (١١٣٠).
(٤) يُنظر: "إعلام الساجد بأحكام المساجد" للزركشي (ص ١٢٨) وما بعدها؛ حيث قال: =

<<  <  ج: ص:  >  >>