للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: (فَإِنْ كانَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَلَا خِلَافَ … ).

لأن هذا ورد فيه نص كما ذكرنا قبل قليل، في الحديث الذي أخرجه أبو داود (١)، وابن ماجه (٢)، وسنده صحيح: "من حلف على منبري هذا" كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "صلاة في مسجدي هذا بألف صلاة مما في سواه" (٣).

إذًا في الحديث: "من حلف على منبري هذا بيمين آثمة" (٤) يعني بيمينين كاذبة، أما اليمين الصادقة فلا يعاقب صاحبها؛ لأنه يريد أن يستخلص حقه بيمين آثمة، "فليتبوأ مقعده من النار" فما أشد ذلك! وما أخطره! هل يريد المؤمن أن يتبوأ مقعده من النار بسبب أمر من أمور الدنيا، بسبب حطام الدنيا التي تذهب وتزول؟ وما يبقى مع المرء في هذه الحياة إلا عمله الصالح، فإنه إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث.


= "ذهب جماعة من العلماء إلى أن السيئات تضاعف بمكة كما تضاعف الحسنات. ممن قال ذلك مجاهد وابن عباس وأحمد بن حنبل وابن مسعود وغيرهم؛ لتعظيم البلد. وسئل ابن عباس عن مقامه بغير مكة فقال: ما لي ولبلد تضاعف في السيئات كما تضاعف الحسنات؟ فحمل ذلك منه على مضاعفة السيئات بالحرم، ثم قيل: تضعيفها كمضاعفة الحسنات بالحرم. وقيل: بل كخارجه، ومن أخذ بالعمومات لم يحكم بالمضاعفة، قال تعالى: {وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا} ".
وقال الفاسي في "شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام" (١/ ٩٢): "والصحيح من مذهب العلماء أن السيئة بمكة كغيرها، والله أعلم ".
(١) أخرجه أبو داود (٣٢٤٦)، ونصه: " لا يحلف أحد عند منبري هذا على يمين آثمة ولو على سواك أخضر إلا تبوأ مقعده من النار - أو: وجبت له النار". وصححه الشيخ الألباني في "الإرواء" (٨/ ٣١٣).
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢٣٢٥) ولفظه: عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من حلف بيمين آثمة عند منبري هذا، فليتبوأ مقعده من النار، ولو على سواك أخضر". وصححه الألباني في "المشكاة" (٣٧٧٨).
(٣) أخرجه البخاري (١١٩٠)، ومسلم (١٣٩٤).
(٤) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>