للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو عندما حلف كان كاذبًا؛ ليقتطع (أي: ليأخذ) مال أخيه المسلم، فسيلقى الله تعالى وهو عليه غضبان، وإذا لقي الله تعالى وهو عليه غضبان، فهذا هو الخسران المبين، وقد رأينا في الحديث المتفق عليه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنا بشر مثلكم "، وتكلمنا عن هذا طويلًا من قبل "فلعل بعضكم يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي على نحو مما أسمع " (١).

فالرسول - صلى الله عليه وسلم - يقضي على نحو ما يسمع، وسنعود مرة أُخرى إلى الكلام عن هذا الحديث .. هل للقاضي أن يقضي بعلمه أو يقضي بما سمع من الشهود والبينة؟

قوله: (يُفْهَمُ مِنْهُ وُجُوبُ القَضَاءِ بِاليَمِينِ، وَكَذَلِكَ التَّغْلِيظُ الوَارِدُ فِي المَكَانِ. وَقَالَ الفَرِيقُ الآخَرُ: لَا يُفْهَمُ مِنَ التَّغْلِيظِ بِاليَمِينِ وُجُوبُ الحُكْمِ بِاليَمِينِ، وَإِذْ لَمْ يُفْهَمْ مِنْ تَغْلِيظِ اليَمِينِ وُجُوبُ الحُكْمِ بِاليَمِينِ، لَمْ يُفْهَمْ مِنْ تَغْلِيظِ اليَمِينِ بِالمَكَانِ وُجُوبُ اليَمِينِ بِالمَكَانِ، وَلَيْسَ فِيهِ إِجْمَاعٌ مِنَ الصَّحَابَةِ).

الناس يتفاوتون في هذا الأمر، فقد تجد بعض الناس له حق، فإذا قيل له: أتقسم بالله على أن هذا حقك؟ يقول: لا، وهو يعلم أنه حقه، لكن لا يريد أن يقسم على ذلك، فيتركه ويقول: أجده بعد ذلك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وبعض الناس تجد أنه يمتطي طرق الكذب والزور، ويحلف الأيمان، ويأخذ حق هذا، ويعتدي على هذا، وأولئك الذين حذر منهم رسول لله - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت له مظلمة عند أخيه، فليؤد إليه حقه قبل ألا يكون دينار ولا درهم" (٢) إلى آخر الحديث الطويل الذي مر بنا كثيرًا.


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري (٢٤٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>