للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هناك مسألة أشرت إليها قبل، وهي ما يشتهر عند الناس في الحلف على المصحف (١)، يعني على الكتاب العزيز، على القرآن، هل هذا مشروع أو لا؟

عامة العلماء قالوا: "لم يرد في ذلك نص ". وممن حكى ذلك ابن المنذر رحمه الله تعالى، لكن أثر عن الشافعي أنه قال: "رأيت قاضيًا في اليمن … " وسماه، "رأيته يطلب اليمين على المصحف" (٢)؛ للتخويف؛ لأن المصحف فيه كلام الله تعالى، فهذا الذي نقرؤه بين دفتي المصحف هو كلام الله تعالى، منه بدأ وإليه يعود، وهو ليس بمخلوق كما يدعي أهل البدع، بل هو كلام لله - سبحانه وتعالى -، تكلم به بصوت وحرف، والله - سبحانه وتعالى - يتكلم


(١) مذهب الحنفية، يُنظر: "الدر المختار وحاشية ابن عابدين" (٣/ ٧١٣)؛ حيث قال: "وعندي لو حلف بالمصحف أو وضع يده عليه، وقال: وحق هذا؛ فهو يمين، ولا سيما في هذا الزمان الذي كثرت فيه الأيمان الفاجرة، ورغبة العوام في الحلف بالمصحف ".
ومذهب المالكية، يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ٢٢٨)؛ حيث قال: " (وبيت النار) لمجوسي، وللمسلم الذهاب لتحليفهم بتلك المواضع، وإن كانت حقيرة شرعًا؛ لأن القصد صرفهم عن الإقدام على الباطل، ومن ثم قيل: يجوز تحليف المسلم على المصحف، وعلى سورة براءة، وفي ضريح ولي؛ حيث كان لا ينكف إلا بذلك، ويحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "مغني المحتاج" للشربيني (٦/ ٤١٧)؛ حيث قال: "ويحضر المصحف ويوضع في حجر الحالف. قال الشافعي: وكان ابن الزبير ومطرف قاضي صنعاء يحلفان به، وهو حسن، وعليه الحكم باليمين ".
ومذهب الحنابلة، ينظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٢٣١)؛ حيث قال: " (وإن حلف بكلام الله) فهو يمين؛ لأنه صفة من صفات ذاته، (أو) حلف (بالمصحف) فهو يمين، ولم يكره أحمد الحلف بالمصحف؛ لأن الحالف إنما قصد المكتوب فيه، وهو القرآن، فإنه عبارة عما بين دفتي المصحف بالإجماع ".
(٢) هو: مطرف بن مازن قاضي صنعاء.
يُنظر: "نهاية المحتاج" للهيتمي (١٠/ ٣١٣): " قال الشافعي: وكان ابن الزبير ومطرف قاضي صنعاء يحلفان به، وهو حسن وعليه الحكام باليمن ". انظر: "النجم الوهاج" للدميري (١٠/ ٤١٥). و"كفاية النبيه في شرح التنبيه" لابن الرفعة (١٩/ ٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>