للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحرف كجر سلسلة على صفوان، والله - سبحانه وتعالى - يتكلم يوم القيامة كما في الحديث الصحيح: "ما منكم من أحد إلا ويكلمه ربه، ليس بينه وبينه ترجمان" (١). إذًا الكلام نابت لله - سبحانه وتعالى -، وهذا الذي نقرؤه في هذا الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه هو كلام الله، تكلم به - سبحانه وتعالى -، أما أولئك الذين ضلوا السبيل، ورجعوا عن طريق الهداية، وقالوا: إنه مخلوق، فقد انبرى لهم العلماء الأعلام، وتحملوا في سبيل ذلك أذًى كبيرًا، حتى نصر الله الحق، وقمع البدعة، وانتهى أهل الفساد والضلال، ونصر الله - سبحانه وتعالى - الحق، ورفع هامة العلماء العاملين.

قوله: (وَالِاخْتِلَافُ فِيهِ مَفْهُومٌ مِنْ قَضِيَّةِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ) (٢).

القضية التي أشار إليها قضية زيد بن ثابت مع ابن مطيع، اختلفا في دار عند مروان بن الحكم، ومعلوم أن مروان بن الحكم عندما بدأت الدولة الأموية بعد عصر معاوية، بعد فترة تولى مروان الحكم فترة قصيرة، وهو والد عبد الملك بن مروان الخليفة المشهور، فلما اختلفا عنده طلب مروان من زيد بن ثابت أن يحلف عند المنبر، فأبى وكان يحلف في مكانه.

قوله: (وَتُغَلَّظُ بِالمَكَانِ عِنْدَ مَالِكٍ فِي القَسَامَةِ (٣)،


(١) أخرجه البخاري (٦٥٣٩)، ومسلم (١٠١٦).
(٢) أخرجه مالك في "الموطأ" (٢/ ٧٢٨): "عن داود بن الحصين أنه سمع أبا غطفان بن طريف المري، يقول: اختصم زيد بن ثابت الأنصاري وابن مطيع في دار كانت بينهما إلى مروان بن الحكم وهو أمير على المدينة، فقضى مروان على زيد بن ثابت باليمين على المنبر، فقال زيد بن ثابت: أحلف له مكاني. قال: فقال مروان: لا والله إلا عند مقاطع الحقوق. قال: فجعل زيد بن ثابت يحلف أن حقه لحق، ويأبى أن يحلف على المنبر، قال: فجعل مروان بن الحكم يعجب من ذلك ". ذكره الحافظ في "الفتح" (٥/ ٢٨٥)، وسكت عنه ووصله في "تغليق التعليق" (٣/ ٣٩٣).
(٣) القسامة: هي الأيمان تقسم على الأولياء في الدم. انظر: "الصحاح" للجوهري (٥/ ٢٠١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>