للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ذلك أحاديث كثيرة كما في قصة الذي باع سلعة، فحلف بعد العصر وهو كاذب، وهو داخل في قوله - صلى الله عليه وسلم -: " لا ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يزكيه " (١)، وهذه خسارة ليس بعدها خسارة، أن يكون ممن لا يزكيهم الله تعالى ولا يكلمهم يوم القيامة، ولا ينظر إليهم. وكذلك مَن كان معه فضل ماء، فمنعه ابن السبيل كأن يكون في طريق، أو في صحراء، أو فلاة، ومعه فضل ماء فيمر رجل عطشان يكاد يتقطع قلبه من العطش، وتزهق نفسه، ثم يطلب من أخيه المؤمن أن يقدم له شربة ماء، فيمنعه ذلك.

فذكر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن هذا أحد الثلاثة الذين لا ينظر الله تعالى إليهم يوم القيامة، ورجل منع فضل الماء، فيقول الله - سبحانه وتعالى -: " اليوم أمنعك فضلي كما منعت ما لم تعمل يداك " (٢)؛ لأن هذا الماء وهذه الخيرات التي في أيدينا، وهذه الأموال، وهذه المساكن، وهذه الأرزاق عمومًا .. من الذي أعطانا إياها؟ هو الله - سبحانه وتعالى -، فهو الذي يرفع وهو الذي يغفر، وهو الذي يعز، وهو الذي يذل، وهو الذي يؤتي الملك من يشاء، وينزعه ممن يشاء، والخير كله بيديه - سبحانه وتعالى -، ولكن نحن واجبنا أن نحمد الله تعالى، وأن نشكره، حتى تتحقق لنا النعم وتزداد، فكلما شكر العبد ربه وأخلص له في ذلك فإن الله - سبحانه وتعالى - يعطيه على ذلك أجرًا عظيمًا: {مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ} [النحل: ٩٦].

قول: (وَأَمَّا القَضَاءُ بِاليَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيهِ).

يقول الله تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: ٢٨٢] {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ} [الطلاق: ٢].


(١) أخرجه البخاري (٢٣٦٩) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم: رجل حلف على سلعة لقد أعطى بها أكثر مما أعطى، وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر؛ ليقتطع بها مال رجل مسلم، ورجل منع فضل ماء، فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك ".
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>