يقول الله تعالى:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ}[البقرة: ٢٨٢].
وليس في القرآن رجل ويمين، أو شاهد ويمين، إذًا يرى هؤلاء العلماء أن الآية معارضة للقول باليمين والشاهد، ولذلك قالوا بأننا لو قلنا أو عملنا بأحاديث الشاهد واليمين، لكان ذلك زيادة على ما في الكتاب العزيز، والزيادة على ما في الكتاب العزيز إنما هي نسخ، وهذا معروف في مذهب الحنفية، وقاله محمد بن الحسن من الحنفية، لكن جمهور العلماء لم يسلموا ذلك، قالوا: من قال إن الزيادة نسخ (١)، فنحن نقول إن هذا بيان، والله تعالى يقول:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤].
فهل كل ما جاء من أحكام موجود في الكتاب العزيز؟
إن السنة جاءت موافقة للكتاب العزيز في أحكام، وتفرد الكتاب في أحكام، وتفردت السنة في أحكام، وقد مرت بنا أمثلة ونماذج من ذلك، واللّه تعالى عندما ذكر المحرمات، قال:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ}[النساء: ٢٣].
إلى آخر الآية، لم يرد في ذلك النهي عن الجمع، قال تعالى:{وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ}[النساء: ٢٣].
لكنه لم يأتِ النهي عن الجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها، فأين جاء ذلك؟ جاء في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
(١) يُنظر: "البحر المحيط في أصول الفقه " للزركشي (٥/ ٣٠٥)؛ حيث قال: "وإما أن يكون من جنسه، كزيادة صلاة على الصلوات الخمس، فليس بنسخ أيضًا عند الجماهير، وذهب بعض أهل العراق إلى أنها تكون نسخًا لحكم المزيد عليه ".