للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: "لا يجمع بين المرأة وعمتها، ولا بين المرأة وخالتها" (١) ومعلوم أن الخوارج عندما جاؤوا إلى عمر بن عبد العزيز (٢)، واعترضوا عليه في بعض الأمور، وقالوا: نحن نأخذ بما في كتاب الله - عز وجل -؛ لأن الله تعالى يقول: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨].

نافحهم عمر بن عبد العزيز، فسألهم عن الصلاة، ثم بعد ذلك عن أوقاتها، وعددها، وركعاتها وعن الزكاة، وأنصبتها، ومقاديرها، وقالوا: ننظر في ذلك ثم نجيب، فعادوا إليه بعد ذلك، وقالوا: ذلك ذكره رسول الله. قال: وهذا الذي قلتم عنه ذكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالوا: نجد ذلك في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي إجماع المسلمين. قال: وهذا أيضًا الذي أنكرتموه هو موجود في سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأجمع عليه المسلمون.

ولذلك فالدين لا ينبغي ألا يكون المؤمن فيه متنطعًا، وليس الدين بالرأي، ولذلك يقول علي - رضي الله عنه -: " لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه " (٣)، ولذلك يقول الله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا} [آل عمران: ٧]).

فمن رزقه الله تعالى فقهًا في الدين ومعرفةً فيه، يختلف عمن قرأ العلوم قراءةً سطحيةً، فمن العلماء من عنده من الفقه ما يجعله يغوص في أعماقه، ومن الناس من يستخرج من كنوز الآيات والأحاديث


(١) أخرجه البخاري (٥١٠٩)، ومسلم (١٤٠٨).
(٢) ذكر هذه المناظرة أبو الحسين المَلَطي العسقلاني في كتاب "التنبيه والرد على أهل الأهواء والبدع" (ص ١٨٥)؛ حيث قال: "وقال حسان بن فروخ: سألني عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - عما تقول الأزارقة، فأخبرته، فقال: ما يقولون في الرجم؟ فقلت: يكفرون به. فقال: الله أكبر كفروا بالله ورسوله. وحدث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما رجم ماعز بن مالك، فلما أصابته الحجارة صرخ، فقال بعض القوم: أبعده الله؛ فزجره - عليه السلام -، وقال: إنها كفارة له ".
(٣) أخرجه أبو داود (١٦٢)، وصححه الألباني في "إرواء الغليل" (١٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>