للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* قوله: (وَمِمَّا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ هَذَا البَابِ قَضَاءُ القَاضِي بِعِلْمِهِ).

هذه مسألة مهمة، قضاء القاضي بعلمه، يعني إذا علم القاضي حكمًا من الأحكام هل يقضي بعلمه؟ أو ليس له أن يقضي بعلمه، وإنما يكون قضاؤه منصبًّا وموقوفًا على البينة أو الإقرار؟

ويقصد بالبينة الشهادة، يعني وجود شاهدين، والإقرار معروف أن يقر أحد الخصمين ما هو عليه، هل يقضى بذلك أو لا؟

هذه مسألة اختلف فيها العلماء كثيرًا، فأكثر الفقهاء قالوا: لا يقضي بعلمه، سواءٌ كان ذلك في الحدود أو غيرها، يعني حتى في الأموال، قالوا: لا فرق أن يكون علمه قبل توليه القضاء، أو أثناء ذلك، يعني أن يكون علمه في الأمر قبل أن يكون قاضيًا أو بعد أن أصبح قاضيًا، قالوا: يحكم بالبينات لا بد من وجود بينة، وهي الشهادة، أو إقرار، قالوا: وهذا هو المعروف شرعًا، لكن ليس له أن يحكم بعلمه.

وهذا قول مالك (١)، وأحمد في رواية (٢)، وقول للشافعية (٣). وأبو حنيفة (٤) له تفصيل في ذلك سيورده المؤلف، ونعلق عليه إن شاء الله.


(١) يُنظر: "البيان والتحصيل" لابن رشد الجد (١٦/ ٣١٣)؛ حيث قال: "قوله: إن السلطان إذا سمع الرجل يفتري على رجل، أو رآه على حد من الحدود: إنه يرفعه إلى من فوقه، ويكون شاهدًا، هو مثل ما في المدونة وغيرها، ولا اختلاف في ذلك؛ إذ لا يقضي القاضي بعلمه لا في الأموال ولا في الحدود".
(٢) يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٣٣٥)؛ حيث قال: " (فأما حكمه بعلمه في غير ذلك مما رآه أو سمعه قبل الولاية أو بعدها فلا يجوز) ".
(٣) يُنظر: "المجموع" للنووي (٢٠/ ١٦٢)؛ حيث قال: "وإن علم حال المحكوم فيه نظرت، فان كان ذلك في حق الآدمي، ففيه قولان، (أحدهما): أنه لا يجوز أن يحكم فيه بعلمه ".
(٤) يُنظر: "فتح القدير" لابن الهمام (٣/ ٣١٤)؛ حيث قال: "وقد انتظم ما ذكرنا حكم القاضي بعلمه، ولنفصلها، فعندنا وفي قول للشافعي أنه يجوز".

<<  <  ج: ص:  >  >>