للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له أن يعدِّل، وأن يجرح الشهود؟ قالوا: بلى. قالوا: وهذه مسألة متفق عليها؟ قالوا: نعم. قالوا: فلماذا أيضًا لا يقبل القضاء بعلمه؟ ". ثم قالوا أيضًا: "إذا كان القضاء بالشاهدين نافذًا والشهادة مظنونة؛ لأنه لا يستطيع أن يقطع القاضي بأن ما يقوله الشاهدان صدق، لكن هو يحكم بعدالتهم، ثم ينفذ الحكم، إذًا حكمهما مظنون، فالغالب أو الأصل في المسلم السلامة، والغالب أن قولهما صدق، لكنه يتطرق إليه أيضًا غير ذلك. قالوا: وقد حكم بشهادة الشاهدين وهي مظنونة، فلماذا لا يحكم بعلمه وهو أمر محقق ومقطوع به؟

لأنه شيء عُلِمَ، فهو متحقق عنده، وهو قاضٍ، فلماذا لا يقضي بعلمه؟ ".

ورد عليهم القائلون بعدم الجواز فقالوا: "الاستدلال بحديث هند ليس فيه دليل، لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقض لها قضاءً، ولكنه أفتاها، قال لها: "خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" (١)، وإلا فإن القضاء يتطلب وجود الخصمين، كما في حديث علي عندما أرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن، وقال: "إذا تقاضى عندك الخصمان أو رجلان، فلا تقض لأحدهما حتى تسمع من الآخر، فإن ذلك يظهر لك ما في الدعوى" (٢)، أو كما قال - صلى الله عليه وسلم - ".

إذًا قالوا: "إن هذا يدل على أنه لا يحكم بعلمه "، وأيضًا سيذكر المؤلف الحديث الآخر في قصة أبي جهم، عندما أرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه أبو داود (٣٥٨٢) عن علي بن أبي طالب بلفظ: "بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن قاضيًا، فقلت: يا رسول الله، ترسلني وأنا حديث السن، ولا علم لي بالقضاء؟ فقال: إن الله سيهدي قلبك، وبثبت لسانك، فإذا جلس بين يديك الخصمان فلا تقضين حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول؛ فإنه أحرى أن يتبين لك القضاء. قال: فما زلت قاضيًا، أو ما شككت في قضاء بعد". وحسنه الألباني "صحيح أبي داود" (٣٥٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>