للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه قصة قديمة معروفة، كانت بين الرجلين، استعدى الرجل عمر - رضي الله عنه - على أبي سفيان في حد كان بينهما، فقال عمر: "إني لأذكره كأنه أمامي ". ثم بعد ذلك جاء أبو سفيان فتنكر لذلك، فشد عليه عمر، وتبين الأمر، فقال عمر: "الحمد لله الذي نصرني على أبي سفيان بالإسلام ". وقال أبو سفيان أيضًا: "الحمد لله الذي أذلني لعمر بالإسلام ".

هكذا فالإسلام دائمًا يعلو ولا يعلى عليه، والإنسان عندما يخضع لأحكام الإسلام لا يقال: بأنه ذل، ولكنه استكان واستسلم لأحكامه، فعمر نصره الله على أبي سفيان بالإسلام، فقال أبو سفيان: "أذلني الله، وأخضعني لعمر بالإسلام ".

قالوا: إن عمر في هذه القصة حكم بعلمه؛ لأنه قال: "كأني أذكرها تمامًا".

وهذه قصة طويلة ذكرها ابن عبد البر الذي نقل عنه المؤلف، وابن قدامة في المغني، وهي موجودة في أكثر المصنفات (١).

* قوله: (وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ مَالِكٍ (٢): يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي المَجْلِسِ، أَعْنِي: بِمَا يَسْمَعُ، وَإِنْ لَمْ يُشْهَدْ عِنْدَهُ بِذَلِكَ).

قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "شاهداك ". كما في قصة الحضرمي والكندي، عندما اختلفا في أمرِ، قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "شاهداك أو يمينه" (٣)، "ليس لك منه إلا ذاك ". يعني: ليس فيه إلا الشاهدان أو اليمين. فقالوا: "لا يحكم بعلمه ".


= قال عمر. ثم إن عمر استقبل القبلة فقال: اللهم لك الحمد؛ إذ لم تمتني حتى غلبت أبا سفيان على رأيه وأذللته لي بالإسلام. قال: فاستقبل أبو سفيان القبلة، وقال: اللهم لك الحمد؛ إذ لم تمتني حتى جعلت في قلبي من الإسلام ما ذللت به لعمر".
(١) سبق بيانها.
(٢) يُنظر: "الذخيرة" للقرافي (١٠/ ٣٣٨٩)؛ حيث قال: "لا يقضي بعلمه تقدم عقد التولية أو بعدها في غير مجلس قضائه أو فيه، قبل الشروع في المحاكمة أو بعده ".
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>