للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإقرار لا يكون من مجنون؛ لأن المجنون قد رفع عنه القلم، وكذلك لا يكون من الصغير؛ لأنه أيضًا غير مكلف، فلا يكون الإقرار إلا من إنسان في كامل الإرادة، يعني: يكون الإنسان في كامل عقله، لا يكون مغشيًّا عليه، ولا يكون نائمًا، فلا يؤتى إلى إنسان نائم وهو يحلم بالليل، ويذكر كلامًا فيه اعتراف، فيقال: فلان اعترف بأنه فعل كذا؛ أو إنسان أغشي عليه، فبدأ يهذي (١) ببعض الكلمات، فيقال: قال كذا؛ ويقال: قال كذا، ما نطق به لسانه فهو موجود في قلبه؛ إذ اللسان دليل على ما في القلب، فهو يعبر عنه؛ فهذا كله لا يعتد به في الإقرار.

* قوله: (أَمَّا مَنْ يَجُوزُ إِقْرَار مِمَّنْ لَا يَجُوزُ، فَقَدْ تَقَدَّمَ).

وهذا قد سبق بيانه ببيان: من الذي يجوز إقراره؟ وما الشروط التي يتحقق معها الإقرار؟

* قوله: (وَأَمَّا عَدَدُ الإِقْرَارَاتِ المُوجِبَةِ، فَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ الحُدُودِ).

الحنابلة (٢) قمالوا: "لا بد من أن يقر أربعًا في الزنا، وتلك الحال


= حيث قال: " (يؤاخذ المكلف بلا حجر)، أي: حال كونه غير محجور عليه احترازًا من الصبي، والمجنون، والسفيه، والمكره، فلا يلزمهم إقرار، وكذا السكران، ودخل في كلامه السفيه المهمل على قول مالك، وهو الراجح، والرقيق المأذون له في التجارة، والمكاتب، فيلزمهم لعدم الحجر، وكذا المريض، والزوجة، وأما الحجر عليهما في زائد الثلث، فمخصوص بالتبرعات (بإقراره) ".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "نهاية المحتاج" للرملي (٥/ ٦٦)؛ حيث قال: " (وإقرار الصبي) ولو مراهقًا، وأذن له وليه، (والمجنون) والمغمى عليه، وكل من زال عقله بما يعذر به (لاغ) ".
ومذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٤٥٤)؛ حيث قال: " (لا) يصح إقرار (من زال عقله بسبب مباح أو) بسبب (معذور فيه) ".
(١) يهذي: يتكلم بكلام غير معقول، مثل كلام المعتوه. انظر: "تهذيب اللغة" للأزهري (٦/ ٢١١).
(٢) مذهب الحنابلة، يُنظر: "كشاف القناع" للبهوتي (٦/ ٩٨)؛ حيث فال: " (أحدهما: أن يقر به أربع مرات في مجلس أو مجالس) ".

<<  <  ج: ص:  >  >>