للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبه قال مالك وأحمد (١)، أي: أنه مخير أن يقضي أو لا يقضي؛ لقوله تبَارَكَ وَتَعَالَى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}.

* قوله: (وَعَنِ الشَّافِعِيِّ القَوْلَان) (٢).

يعني روي عنه القولان، قول أبي حنيفة، وقول الإمامين مالك وأحمد.

* قوله: (وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الإِمَامِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَتَحَاكَمُوا إِلَيْهِ).

وإن لم يتحاكموا إليه، إذا علم الإمام بأمرهم، فإنه يجب عليه أن يقضي بينهم، هذا قول بعض الحنفية.

وحجة هذا القول الأخير أنه كما جاء في حديث البراء بن عازب، وهو حديث صحيح، قال: "مر رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بيهودي قد جلد، وحمم" (٣).

"حمم" يعني: طلي دهن وجهه بالسواد، أي: بالفحم، هكذا كان اليهود يفعلون، ولكنهم حرفوا ذلك عما كان في التوراة.

"مر رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - بيهودي قد جلد وحمم"، أي: سوَّد وجهه


(١) يُنظر: "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (١/ ٦٦٨)؛ حيث قال: " (وإن تحاكموا) أي أهل الذمة (إلينا) بعضهم مع بعض، (أو) تحاكم إلينا (مستأمنان باتفاقهما، أو استعدى ذمي على ذمي آخر) بأن طلب من القاضي أن يحضره له، (فلنا الحكم والترك) ".
(٢) يُنظر: "روضة الطالبين" للنووي (٧/ ١٥٤)؛ حيث قال: "إذا ترافع إلينا ذميان في نكاح أو غيره، إن كانا متفقي الملة، وجب الحكم بينهما على الأظهر عند الأكثرين؛ لقول اللّه تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٩]، ولأنه يجب الذب عنهم كالمسلمين. والثاني: لا يجب، لكن لا نتركهم على النزاع، بل نحكم أو نردهم إلى حاكم ملتهم".
(٣) محمم، أي: مسود الوجه، من الحممة: الفحمة، وجمعها حمم. انظر: "النهاية" لابن الأثير (١/ ٤٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>