للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فجاء الحديث: "نسي آدم فنسيت ذريته، وغوى آدم فغوت ذريته" (١). يعني: أغواه إبليس، فكذلك يحدث لذريته.

ولذلك نجد أن الشريعة الإسلامية راعت أحكام الناس على اختلاف أحوالهم، فهناك ناسٍ، وهناك جاهل، وهناك مكره، فليس هناك أعظم بعد الشهادتين بعد عقيدة المؤمن من الصلاة، ومع ذلك قد ينام الإنسان، قد ينسى الإنسان صلاة، لأنه بشر، قد ينسى صلاة الظهر مثلًا، ولا يذكرها إِلَّا بعد يومين أو ثلاثة ويصليها، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يقول: "من نام عن صلاة أو نسيها، فليصلها متى ذكرها، فإنه لا كفارة له إِلَّا ذلك" (٢).

* قوله: (وَكَذَلِكَ إِنْ كلانَ اخْتِلَافٌ فِي عَقْدٍ وَقَعَ أو عَيْنٍ مِثْلِ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ).

(أو غير ذلك) يعني مثل الإجارة أو عقد المساقاة والمزارعة، والعقود كثيرة مثل السلم، فهذه العقود كلها قد يحصل فيها اختلاف؛ لأن السلم تدفع مالًا لإنسان، ثم بعد ذلك يعطيك المسلم فيه، والمساقاة يكون فيها عقد بين اثنين، والإجارة كذلك يكون فيها عقد.


(١) أخرجه الترمذي (٣٠٧٦) عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم -: "لما خلق اللّه آدم مسح ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة هو خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصًا من نور، ثم عرضهم على آدم، فقال: أي رب! من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك. فرأى رجلًا منهم، فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب من هذا؟ فقال: هذا رجل من آخر الأمم من ذريتك يقال له: داود. فقال: ربِّ كم جعلت عمره؟ قال: ستين سنة. قال: أي رب! زده من عمري أربعين سنة، فلما قضي عمر آدم جاءه ملك الموت، فقال: أوَلم يبق من عمري أربعون سنة؛ قال: أوَلم تعطها ابنك داود؟ قال: فجحد آدم، فجحدت ذريته، ونسي آدم فنسيت ذريته، وخطئ آدم فخطئت ذريته". وحسنه الألباني في "المشكاة" (٤٦٦٢).
(٢) أخرجه البخاري (٥٩٧)، ومسلم (٦٨٤) عن أنس بن مالك، عن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -[ص: ١٢٣] قال: "من نسي صلاة، فليصل إذا ذكرها، لا كفارة لها إِلَّا ذلك: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}."

<<  <  ج: ص:  >  >>