للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك إذا كان في هم، فإن الإنسان في هذه الحياة عرضة لأن تنزل به المصائب والهموم والأحزان، وإن كان واجبًا على المسلم مطلقًا أن يلجأ إلى اللّه - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى -؛ فهو - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - الذي يرفع تلك الهموم، ويزيل تلك المصائب، وما أشبهها.

* قوله: (أَوْ جَائِعًا أَوْ خَائِفًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ العَوَارِضِ الَّتِي تَعُوقُهُ عَنِ الفَهْمِ) (١).

لأنه بشر، وهو معرض أيضًا أن ينزل به مرض شديد، أو ألم شديد، أو يبلغه خبر يشوش عليه، فحينئذ هو في حاجة إلى أن يكون صافي الذهن، مستقرّ الفؤاد، حاضر العقل؛ لكي يحكم حكمًا واضحًا له، لأن الحكم - كما هو معلوم - يحتاج إلى جانب ما يستدل إليه من أدلة، أن يكون معه إمعان وإدراك للمسائل، وربط بينها، وترجيح بعضها على بعض؛ لكي يتقرر الحكم، فإذا أصابه في ذلك عارض، فإنه يؤثر على هذا الحكم بلا شك.

* قوله: (لَكِنْ إِذَا قَضَى فِي حَالٍ مِنْ هَذهِ الأَحْوَالِ بِالصَّوَابِ، فَاتَّفَقُوا - فِيمَا أَعْلَمُ - عَلَى أَنَّهُ يَنْفُذُ حُكْمُهُ) (٢).


(١) يُنظر: "الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي" (٤/ ١٤١)؛ حيث قال: " (ولا يحكم) الحاكم، أي: يمنع، وقيل: يكره أن يحكم (مع ما يدهش عن) تمام (الفكر)، (ومضى) حكمه إن حكم معه وكان صوابًا، وأما حكمه ما يدهش عن أصل الفكر، فلا يجوز قطعًا ولا يمضي، بل يتعقب، ومثله المُفْتى والمُدْهش كالغَضَب والخوف وضيق النفس والحصر والشغل بأمر من الأمور".
(٢) مذهب المالكية، ينظر: "حاشية الدسوقي" (٤/ ١٤١)؛ حيث قال: " (قوله: مع ما يدهش عن تمام الفكر)، أي: ما يدهش العقل عن تمام الفكر. (قوله: ولا يمضي)، أي: مطلقًا، بل إن كان صوابًا مضى".
ومذهب الشافعية، يُنظر: "تحفة المحتاج" للهيتمي (١٠/ ١٣٥)؛ حيث قال: " (ويكره أن يقضي في حال غضب) لا لله تعالى (وجوع وشبع مفرطين، وكل حال يسوء خلقه) فيه؛ كمرض، ومدافعة حدث، وشدة حزن، أو خوف، أو هم، أو سرور؛ لصحة النهي عنه في الغضب. وقيس به الباقي؛ ولاختلال فكره وفهمه بذلك. ومع ذلك ينفذ حكمه". =

<<  <  ج: ص:  >  >>